الاثنين، 26 نوفمبر 2012

عندما توسلت الصغيرة هند



من زاويتي اليومية شراع بالوطن العُمانية عدد يوم الأربعاء  2/02/2000
القصة التي أبكت سلطنة عُمان من أقصاها لأدناها يوم نشرها

الأب يتعين عليه أن ينطلق صباح كل يوم جديد إلى العمل ليعود منهكا خائر القوى في الثالثة بعد الظهر بعد يوم حافل بالبذل والعرق من أجل توفير لقمة العيش لأسرته الصغيرة، الزوجة وكانت أما تعمل هي الأخرى وتنطلق إلى مقر عملها بعد  سويعات من انطلاق زوجها، ووفق هذه المعادلة الحياتية كان لابد لهما من أن يجدا مربية أجنبية لطفلتهما الصغيرة التي لم تكمل عامها الخامس بعد، كانت طفلة جميلة المحيا،  تشع من عيناها الزرقاوين بريق ذكاء متقد مختلط على نحو فريد ببراءة الطفولة العذبة المنهل، وبالفعل فقد احضرا مربية لطفلتهما إذ يتعين عليها رعاية الصغيرة هند ساعات النهار والى عودة والديها لتنطلق إلى أحضان القادم إلى المنزل أولا، كلا الزوجين كانا يتسابقان في العودة إذ الأول سيحظى بالتأكيد بشرف عناق الصغيرة وبتعلقها بعنقه والذوبان في صدره.
المربية كانت تقوم في الفترة المسائية بالواجبات المنزلية الأخرى، وفي ذات يوم ارتكبت خطأ فادحا استحقت عليه توبيخا من أم هند لتنسى من بعد ذلك الواقعة بكل تفاصيلها، على أن المربية لم تنس الأمر، أسرته في نفسها وأقسمت برأس إلاه لها أن تعيد الصفعة إلى أم هند صفعتين وبطريقتها الشيطانية الخاصة، وبدأت في التنفيذ المباشر صباح اليوم التالي، أحضرت قطعة لحم من الثلاجة، ثم دستها في أحد أركان المطبخ لأيام إلى أن تعفنت تماما، ثم غدى الدود فيها يتحرك، وعند مغادرة الوالدين للمنزل صباحا أخذت الطفلة بين أحضانها، ثم أخذت دودة ودستها في انف الصغيرة، وهكذا فعلت بالأنف الأخرى، في صباح كل يوم كانت الصغيرة هند تتناول هاتين الجرعتين من الديدان.
الأم استشعرت في  دواخلها بان صغيرتها لم تعد  كما كانت، أمست اكثر خمولا، وليست لها أي رغبة في اللعب أو الضحك  كما كانت، كانت تؤثر النوم، ما إن تصحو حتى تعود للنوم مجددا، حسبت أنها ربما كانت مرهقة من اللعب مع المربية نهارا، على أن الخمول والكسل أمسى صفة ملازمة لها، ذات يوم سمعت صغيرتها تقول في توسل لمربيتها واحدة تكفي، لا تضعي لي في الأنف الأخرى، لم تدر ماذا تعنى وما هو الشيء الذي يوضع، سألت المربية عن ما تعنيه هند، فردت بأنها ربما تهذي.
وضعت الأم خطة لاكتشاف ما يدور أثناء غيابها، خرجت للعمل صباحا كعادتها  ثم ما لبث إن عادت بعد قليل، وبخفوت تام أخذت تمشى على أطراف أصابعها، عندها سمعت هندا تتأوه في المطبخ، متوسلة للمربية أن لا تضع لها اليوم، قالت لها في ضراعة انه يؤلمني، على أنها لم تأبه بتوسلاتها البريئة، وعندما همت بدس الدودة في منخارها كما يحدث كل يوم اندفعت الأم وهي تولول وتصرخ، انكبت على رأس المربية وقد غطاها الوجوم برداء له صاعق، ماذا تفعلين.. وما هذه الدودة في يدك..ومنذ متى تفعلين ذلك.. ولماذا..حرام عليك، تلك لا تعلم يقينا الفرق ما بين الحرام والحلال، الحساب بكل تأكيد لم تحن ساعته بعد، ذلك إن هندا كانت خائرة القوة شاحبة الوجه، تتمتم في خفوت لا تضعي لي اليوم..كالمجنونة كالمصعوقة أخذت فلذة كبدها واندفعت تقود سيارتها في تهور له ما يبرره متوجهة صوب المستشفى وقد اشتعل رأسها جنونا وغضبا  وحسرة  وندما، أخبرت الطبيب بما رأت، والنحيب المر يتدفق من كل مسامات جلدها، على الفور تم إجراء صورة أشعة لدماغ الصغيرة، وعندما رفع الطبيب الصورة في اتجاه الضؤ هاله ما رأى، فقد كان الدود بالآلاف يعوى ويمور في دماغ هند، قال لامها وقد بللت الدموع وجنتيه انه لا فائدة، فهند الآن تحتضر، ما بعد ذلك بيوم واحد، ماتت هند..
ضرغام أبوزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق