الأربعاء، 17 يونيو 2015

القمر الصناعي الإسلامي متى ولماذا ؟..



من زاويتي اليومية (شراع) بصحيفة الوطن العمانية عدد يوم الخميس 30/11/2000
للمرة الأولى منذ عقود طويلة مضت تصوم الأمة الإسلامية في يوم واحد، صحيح إن هناك القليل من الدول ربما دولة أو أكثر صاموا لوحدهم إلا إن ذلك لا يقلل من حقيقة إن الإجماع على بداية رمضان هذا العام كاد أن يكون تاما، ذلك في الواقع إرهاص طيب على إمكانية أن تتوحد الأمة إزاء بدايات رمضان ونهايته أيضا، إذ لا يعقل وهذا كان سائدا في السنوات الماضية أن تصوم كل دولة إسلامية على حدة وان تفطر كذلك على حده، ولا يعقل أن يتبادل المسلمون تهاني العيد من اخوة لهم لم ينته شهر الصيام عندهم بعد، ذلك إن الجوار هو السمة السائدة في معظم الدول الإسلامية ما عدى الدول البعيدة نسبيا كجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية مثلا، عليه لا يمكن هضم مسألة الاختلاف في مطالع القمر، فالقمر هو القمر في أي دولة إسلامية كانت، ولا تملك باليقين القاطع كل دولة إسلامية قمر خاص بها يمكن الركون إليه والاعتداد به في مقابل أقمار الآخرين.
نحسب أن ثمة رسالة إلهية قد وصلتنا تفاصيلها الجميلة ومفادها بان الوحدة والتوحد لهما وقع جميل وطيب في النفوس، وهذا ما استشعرته الأمة على نحو جلي هذا العام، فبعد أن توحدت في الصيام تولدت على الفور في النفوس التواقة إلى اتحاد إسلامي صلب وفاعل قادر على مقارعة الآخرين الحجة بالحجة والقوة بالقوة تولدت رغبة مشروعة في استمرار هذا التوهج وهذا التوحد.
التوحد الإسلامي الذي تجلى في شعيرة الصيام الهامة باعتبارها ركنا من أركان الإسلام يتعين تفعيلها وتأكيدها عبر منابر منظمة المؤتمر الإسلامي والتي في إمكانها البدء منذ الآن في تأطير بدايات رمضان وانتهاءه بالوسائل والوسائط التقنية الحديثة، فلا يمكننا أن نظل كما نحن نعتمد العين المجردة فقط في رؤية هلال رمضان، فالمدن الإسلامية اليوم ليست هي المدن الإسلامية أيام الدولة الإسلامية الأولى بالمدينة المنورة، الآن المباني شهقت عاليا في السماء وغدت عائقا أمام العين لتستطيل إلى خط الأفق لتستبين إن كان الهلال قد اطل أم لا يزال في رحم الغيب، قديما كان الناس يمكنهم فعل ذلك بأعينهم المجردة، فليست هناك مباني عالية ولا عمائر شاهقة وكانت العين المجردة كافية لتأكيد الحدث.
عليه فلا نرى ضيرا في أن تتبنى منظمة المؤتمر الإسلامي إطلاق قمر صناعي إسلامي مهمته الأولى والأخيرة تحري رؤية الهلال لا في رمضان فقط بل في كل شهورنا العربية والتي تعتمد على القمر لذلك فهي قمرية، لتكن تلك بداية الوحدة الإسلامية الكبرى التي يخافها الصهاينة تحديدا، ثم نشير ونؤكد بان هذه القضية أمست خطيرة بالفعل، فاختلاف الشهور العربية ما بين قطر إسلامي وقطر آخر تمنع بالتأكيد دخول التاريخ الهجري إلى الكمبيوتر وتبعده تماما من كافة المعاملات المصرفية والتجارية والاقتصادية، لذلك فقد ظل التاريخ الهجري على هامش الأحداث دوما، ولا نكاد نستخدمه إلا داخل نطاق القطر الواحد، ذلك إننا لا نستطيع الاعتداد قانونيا برسالة كتبت من عاصمة إسلامية يوم الاثنين الأول من رمضان لا نستطيع الاعتداد بها في أي محفل خارج نطاق القطر الذي كتبت فيه، فلو نحن أرسلناها إلى قطر إسلامي آخر فسنجد إنها تسببت في العديد من المصاعب، ذلك إن الأول من رمضان في القطر المرسلة إليه هو يوم الثلاثاء وليس الاثنين، وسيجد الراسل والمرسل إليه نفسيهما في متاهات الحيرة فعلا، كل ذلك نحن في غنى عنه لو التجأنا إلى القمر الصناعي الإسلامي كحل وسط وجدير بالاحترام من الجميع.

ضرغام أبوزيد

السبت، 6 يونيو 2015

ذكريات من الماضي .. أخطاء مطبعية بالوطن العُمانية



  خطأ مطبعي بالصفحة اﻷولى بصحيفة أخبار اليوم السودانية لعدد اليوم السبت 6 يونيو 2015 ، الخطأ الغير مقصود بالطبع إشار إلى إن العاصمة التونسية هي باريس والصحيح (الفرنسية) .
علي الفور هيج فينا هذا الخطأ كوامن الجوى وأيقظ ذكريات كانت راكدة فيما خلف سراب الماضي ا
أمام مبنى الوطن الحديث بالغبرة ـ بوشر مسقط
لجميل والذي لن يعود حكما وتأكيدا لنجد أنفسنا مرغمين على التحدث عن أخطاء مطبعية عايشناها في الوطن العُمانية وإذ هي حية تتقد رغم عدو السنين .
اﻷخطاء المطبعية بالصحف تحدث وستحدث ومهما كانت فعالية وكفاءة قسم التصحيح فهي تشير وتؤكد بأن الذين يعملون بالتصحيح هم بشر بداية ونهاية وهم يحققون إنسانيتهم هكذا ببساطة ومع هذا فإنهم يحرصون ويدققون ويسعون لتلافيها ومع هذا تقع رغما عن إرادتهم البشرية القاصرة ، المهم أن تكون الأخطاء صغيرة ومقبولة وغير فادحة العواقب إشارة إلى إن هناك أخطاء مطبعية صحفية هي بالفعل كذلك .
من ذكريات الماضي الجميل والذي لن يعود حكما مع التصحيح ومفارقاته هو إنني وفي عام 1984 ومع بداية إنطلاق صحيفة الوطن العمانية كصحيفة يومية بعد أن كانت أسبوعية كنت أنا وحدي هو (قسم التصحيح) أصحح كل صفحات الجريدة وحتى تباشير الصباح الباكر .
كان العمل بدائيا ويدويا بحتا ، معالجة اﻷخطاء كانت تتم عن طريق القص واللصق باستخدام الصمغ الشمعي ومع هذا كنت أكتب في زاوية (كل صباح) وأكتب واحرر صفحة (حوادث وقضايا) التي باتت حديث الشارع العماني ، بعدها أنشأت قسم اﻹدارة وشئون العاملين ثم أنشأت قسم المعلومات الصحفية وجئت بأول كمبيوتر بالوطن وبالقسم أيضا وهو كمبيوتر صخر AX170 بمواصفاته المتواضعة لكنه كان فتحا في ذلك الزمان ، ثم إنطلقنا في رحلة الصراع مع الكمبيوتر لهثا خلف كل جديد وخلف كل إصدار من سلاسل ويندوز إبتداء من ويندوز 3.0 .
أذكر خطأ مطبعيا شنيعا حدث عام 1984 وبما إنني أصحح  كل صفحات الوطن كما أخبرتكم كانت الصفحة اﻷولى ترد إلي حوالي الثالثة صباحا وكان هناك موعد مع المطبعة ﻻبد من إحترامه ، وقتها لم تكن للوطن مطابعها الخاصة التي جاءت فيما بعد وتلك حكاية أخرى .
المهم إنتزعوا الصفخة اﻷولى من بين براثني إنتزاعا وأسرعوا بها للمطبعة  ، كنت وفي الفترة الصباحية أعمل بقسم الوثائق بوزارة التراث القومي والثقافة العماتية اﻷمر الذي أتاح لي فرصة اﻹطﻻع على التاريخ العُماني الضخم من مصادره اﻷصلية .
خرجت من مبنى الوطن المتواضع والكائن بحي الوطية بمسقط حوالي السادسة صياحا وفي السابعة والنصف كنت بمكتبي بالوزارة ، ما إن جلست على الكرسي حتى تذكرت الخطأ الفادح وهو إنني لم ألصق التاريخ ورقم العدد بالصفحة اﻷولى التي إنتزعوها مني ، كانت تلك القصاصة الهامة ملقاة بدرج طاولتي بالوطن .
بعد قليل جاءت السيدة / زبيدة بنت جواد الخابوري رئيسة القسم آنذاك لها السلام والتحية والتجلة أين كانت في ربوع السلطنة وأحضرت لي نسخة من الوطن لليوم الجديد ، ألقيت نظرى خاطفة على مكان التاريخ ورقم العدد فلم يكن هناك ، كان الموجود وهو التاريخ الأقدم والذي كان يتعين نزعه ووضع التاريخ الجديد مكانه .
وهكذا كُتب في صحائف التاريخ الصحفي للصحافة العُمانية إن الوطن العُمانية صدرت ذات يوم بدون تاريخ أو رقم عدد .
كنت وكما قلت بأنني أداوم بالوطن من الثالثة ظهرا وحتى السادسة صباحا ومن السابعة والنصف صباحا وحتى الثالثة ظهرا بالوزارة فمتى أنام ؟ ..
سؤال ضخم بالتأكيد في الواقع كنت ﻻ أنام على اﻹطﻻق كل أيام اﻷسبوع ، كانت الوطن ﻻ تصدر أيام الجمع لذلك فإنني كنت أنام من عصر الخميس حتى مواعيد صلاة  الجمعة  ، الويل لي إن لم أفعل فالإسبوع القادم سيغدو مميتا .
هكذا يا أخوتي ساهمنا في بناء منظومة (المؤسسة العمانية للصحافة والطباعة والنشر) وهو اﻹسم الرسمي لـ الوطن العمانية وإذ هي اليوم علم قي رأسه نار .
خطأ فادح آخر لن أنساه أبدا والوطن أمست تكنولوجية بالكامل وإنتقلتا للمبنى الجديد الفخم بطوابقه المتعددة والكائن بمنطقة الغبره بوﻻية بوشر بالعاصمة مسقط .
هنا الوطن المتحضرة ماثلة للعيان كل شئ جديد ونظيف وهنا لدينا مطابع حديثة جاءت من المانيا الغربية وقتها وقبل الوحدة وقبل سقطوط جدار برلين ، لم نعد بحاجة لمطابع الغير وهنا حدثت النقلة النوعية للوطن .
الخطأ الجسيم حدث رغم وجود كادر بالغ الكفاءة من المصحيين المصريين على رأسهم الزميل المرحوم / زكريا نجم والزميل واللغوي الموسوعي لطفي قطب .
الخطأ الشنيع كان في إسم المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد - المعظم   حفظه الله ورعاه .
لن أخبركم أين كان الخطأ تحديدا حتى ﻻ أرتكب خطأ آخر .
صبيحة اليوم التالي والوطن باﻷسواق هاحت العاصمة مسقط وماجت ومن الوﻻيات جاءنا غبار كثيف غطى مبنى الوطن رغم ضخامته .
وقتها كنت أدير قسم التحرير أمرني رئيس التحرير اﻷستاذ / محمد بن سليمان الطائي بدعوة أسرة التحرير ﻹجتماع عاصف وحاسم ، كانت تربطني بالطائي علاقة خاصة إذ هو أكثر من أخ ، وأعز من صديق ،  وأخلص من قريب ، غير إن كل هذا بخرته وجففته عوادي شمس الزمان فأمسى في الفؤاد ذكرى لحقيقة إن ثمة نضال خضناه معا وسويا قد أزهر وأينع في مسقط ثم شيعته الغربان وهي تنعق والقت به على قمم شاهقات جبال بوشر .
كان اﻹجتماع عاصفا بالفعل وخطيرا من كل الزوايا واﻷركان والهدف منه معرفة أسباب سقوط الطائرة وحتمية العثور على الصندوق اﻷسود !!.
إمتد اﻹجتماع من العصر وحتى صباح اليوم التالي بغير توقف تم إحضار كل المستندات وكل البيانات ، وتم إستنطاق كل شئ حتى الورق والأقلام واﻷحبار والماكيتات والبليتات والكمبيوترات والجدران والحوائط .
وكنت أكتب وأدون كل شاردة وواردة كل كلمة وكل همسة وكل لمسة وكل لفته  ، بعدها كان على الزملاء أن يخضعوا أمامي وبإعتباري مسئوﻻ عن التحرير الى تحقيق فردي بمكتبي عن ملابسات الحادث وبهدف تحديد الجهة المسئولة سهوﻻ ﻻ عمدا عن هذا الخطأ الشنيع .
الهدف من كل هذا الضغط الرهيب كان تغذية ملكة اﻹنتباه في عقول الزملاء وقد أفلح هذا الجهد الأليم في منع تكرار مثل هكذ  خطأ فادح غير إنه غير مقصود ..


ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
dirgham@yahoo.com