الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

صلاة الجمعة وظاهرة النوم


 صلاة الجمعة وظاهرة النوم

من الظواهر التي باتت ملاحظة في صلوات يوم الجمعة ومن ناحية عامة هو إن عددا متزايدا من المصلين ينتابهم النعاس عندما يبدأ الخطيب والإمام في مباشرة خطبة الصلاة، الأمر الذي يؤكد بأنه لن تتاح لهم متابعة عمق الموعظة التي يروم الخطيب إيصالها إليهم، وان تابعوها بشق الأنفس عبر مقاومة غراء النوم المطبق لا يزال على أجفان أعينهم فانهم لربما يسمعون شيئا، غير انهم لا يوقنون لو سئلوا عن هذا الشيء ولماذا قيل وماذا كان قبله ثم ماذا كان بعدة، المحصلة النهائية هي انهم لا يستطيعون إعادة اجترار الخطبة فيما بعد إذ يتعين أن تغدو سلوكا متبعا، فما هي أسباب النوم؟.. أو أسباب النعاس الذي يهاجم المصلين وتحديدا عند بداية أو في منتصف أو في نهاية الخطبة، تلك هي أسئلة وجدت حيزا من التفكير كبير منا إذ نحن نحاول الوصول إلى الأسباب والمسببات.
بداية نشير إلى انه ربما إن الاخوة المصلين إذ هم في يوم الخميس يعلمون بان يوم الغد هو يوم إجازة رسمية، وبما إن الأمر كذلك فانه أي يوم الخميس هو يوم السهر الطويل وحتى تباشير الصباح الباكر، لذلك وبما إن للإنسان أي إنسان طاقة صمود محددة باعتباره بشرا، فانه وعندما يدلف إلى رحاب المسجد فانه يكون في اشد حالات الإرهاق، حتما، هو لم يقصد على الإطلاق بأنه سيأخذ راحته من النوم في باحة المسجد، غير انه وفي تعاكس واضح لإرادته فان جحافل النعاس الغلابة سرعان ما تطبق عليه بعد قليل من بداية الخطبة.
المسكين يبذل جهدا خارقا للانعتاق من ذلك الأسر، والجهد المبذول والمشكور يبدو واضحا من خلال لحظات اليقظة التي تنتابه بعد كل عدة دقائق من النوم، كأنه يؤكد لنفسه بأنه لا يزال حاضرا وانه يستوعب كل شئ قيل، غير إن الواقع الافتراضي يشير إلى أن كل تلك المحاولات غير ناجحة بالمعنى المطلق للكلمة، ونحسب أيضا بان هناك وفي الشرع ما يقال بشأن النوم وعلاقته بصحة الوضؤ، وهذا ما يعرفه علماء الدين اكثر منا بطبيعة الحال، هنا فان السهر قد يكون أحد الأسباب الرئيسية للنوم، وهذه النقطة قد يفرد لها الوعاظ وعلماء الدين مساحات في برامجهم التوعية بعد أن أشرنا إليها باعتبارها واقعا.
ثم إن سمة أسباب أخرى إضافة إلى السبب الرئيس المشار إليه، وهو (سهرة) الخميس، الأسباب الأخرى التي نقدر بأنها (قد) تساهم في استحضار جيوش النعاس وجحافل قوات النوم تعود إلى طبيعة الخطبة التي تلقى، فالبعض وما إن يصعد الخطيب إلى المنبر، وفيما بعد السلام عليكم ورحمة الله يمد يده إلى داخل جيبه، ويخرج ورقة قد تطول وقد تقصر، تلك الورقة أو الوريقة تحمل خطبة صلاة الجمعة، هنا وفي تلك اللحظة فان العديد من المصلين ينتابهم إحساس ما بان الخطيب غير كفء وانه غير قادر على ارتجال الخطبة ورغم إن هذا الإحساس غير صحيح إجمالا إلا انه يؤكد نفسه بقوة، هنا ينخفض مؤشر أهمية الخطبة إلى أدنى مستوياته، عندها تتحرك جيوش النعاس بعد أن بات الجو ملائما للتكاثر وللعمل، فيقع العديد من المصلين ضحايا لها.
وثمة سبب أخير يكمن في فشل الخطيب في إيجاد الربط الملائم والمناسب ما بين لب الموعظة وهي مستقاة في الأساس من مواقف السلف الصالح وفي صدر الإسلام، إذ هناك تكمن الإشراقات الإسلامية والتي ستبقى إلى يوم الدين في تاريخنا معلما يشار إليه بالبنان، ونجاح الخطبة يكمن في قدرة الخطيب على المزاوجة ما بين تلك المواقف التاريخية الإسلامية وما بين الحاضر حيث نعيش، فان بدأ الخطيب خطبته تاريخية وانتهى بها كذلك، فان ذلك سيغدو بمثابة دعوة مفتوحة لجيوش النعاس لمهاجمة المصلين، فهم أصلا يعرفون تلك المواقف ودرسوها في مراحل تعليمهم، غير انه يهمهم سماع الإسقاط المدوي على الحاضر، فان نجح الخطيب في ذلك بقيت القلوب والأفئدة تتابعه بانتباه وان فشل أزداد عدد المستسلمين لجحافل النوم الجرارة..
ضرغام أبوزيد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق