الأحد، 24 مايو 2015

عودة الإمام أم عودة مهند .. أيهما أهم ؟..



إمام الأنصار وزعيم حزب الأمة القومي السيد / الصادق المهدي ، إختار بطوعه وإختياره وبكامل إرادته الحرة والمعتبرة شرعا وقانونا إختار القاهرة
عودة مهند أثارت ضجيا معتدلا
كمنفي إختياري له ، بالطبع لا علاقة لنا بهذا الأمر ولسنا طرفا فيه ولن نكون أبدا ، غير إن المنفي الإختباري للإمام تحول هذه الأيام إلى أقصوصة غير مستساغة الطعم فضلا عن أن رائحتها لا تسر الأنوف ، فهاهي أقصوصة (العودة) للوطن باتت وبقدرة قادر موضع حوار ونقاش على أصعدة شتى ، تبناها إعلام يعاني من فراغ قاحل ، والأمة القومي يصرح على لسان فضل الله برمه ناصر ، نائب رئيس الحزب إنه لا توجد أية عقبات تمنع رئيس الحزب من العودة للبلاد وإنه أي الأمام لم يحدد زمنا للعودة .
لا ندري لماذا يريد الأمام أن يشغلنا عن ما نحن فيه بحديث العودة على وزن عودة مهند بطل المسلسل التركي الشهير بشقيه ، وبخبر لا مكان له من الإعراب تناقلته الصحف السودانية عندما غابت عنها الفطنة إذ هو يزور سفارة السودان بالقاهرة بغرض الحصول على جواز سفر جديد  !! ماذا يهمنا في ذلك وما أهمية ذلك وما جدوى كل ذلك ؟..  فما نحن بصدده يغنينا عن هكذا أمور إذ هي لا تساوي ثمن الحبر الذي كُتبت به ، ثم نحن لا ندري لماذا هو في القاهرة أصلا ولا يهمنا أن نعرف ، كما لا يعنينا إن كان في القاهرة أو في أي عاصمة أخرى عربية كانت أم أجنبية، فوجوده في الداخل كوجوده في الخارج لا شئ ولا جديد ولا مثير ولاخطر .
هي إذن حالة إحتار فيها السودان الوطن والسودان الشعب ، وتتمحور حول السؤال الأزلي ماذا يريد هذا الرجل على وجه الدقة؟..... أيود يا ترى أن يعود رئيسا للوزراء بعد حقبته السوداء التي تم فيها ذبح الجيش السوداني العتيد بغير رحمة ، وكاد التمرد أن يطبق على العاصمة القومية الخرطوم .. تلك مآسى لن ينساها تاريخ هذا الوطن أبدا إذ هو خطها أصلا بأحرف من دم .
.  الديمقراطية يزعم إنها مطلبة ، التداول السلمي للسلطة هو مبتغاه ومع هذا وفوق هذا يقاطع الإنتخابات وأي إنتخابات قادمة أخرى أو جديدة ،  إذ هو يعلم بأنه لن يحصل فيها على مثقال ذرة ، غير إنه لا يعترف بهكذا حقائق دامغة بات يعلمها الشارع السوداني تماما ويعلمها الجيل الجديد من السودانيين المغلوب على أمرهم إذ هم ينظرون للطائفية نظرة إزدراء ، غير إنه لا يستمع إليهم ليستوعب تطلعاتهم المشروعة في غد أرغد وليرى إن كانوا يؤمنون بمشروعية كلمة (سيدي) في وصف كائن بشرى مهما طال أو إستطال عنقه .
هو في الأصل يمقت الأنظمة الشمولية والدكتاتورية والعسكرية والقمعية ، وعندما إختار منفى له بمحض إرادته إختار القاهرة في تناقض عاصف مع معتقداته الأيدلوجية والسياسية والفكرية ، وبإعتبار إن القاهرة يحكمها  الآن عمر بن الخطاب رضي الله عنه !! ومن القاهرة وجه نداء الإستغاثة الشهير أو الـ Request  الأشهر والذي أراق عبره ماء وجوه أهل السودان وشعبة والذي رفعه بالضراعة كلها لخليفة المسلمين بالقاهرة للعفو عن محمد مرسي الرئيس الشرعي لمصر والمحكوم عليه بالإعدام عتوا وظلما والمعترف به دوليا والذي جاء لسدة الحكم عبر صناديق الإقتراع تماما كما يحب الإمام ويهوى ويرضى .
فجاءت الضراعة في غير أوانها وفي غير مكانها وفي غير زمانها أيضا ، متناسيا جدلية من يعفو عن من كل العقلاء في كوكبنا يعرف من هو الذي يحق له منح العفو المأمول والمرتجي بناء لأبجديات العدالة السماوية ، ثم إن ضراعته وتوسلاته جاءت مسخا مشوها لا يمت لهذا الوطن بصلة ، ثم لا ندري كيف إستوت الأنوار والظلم في ناظرية ، فلو أنه كان بالفعل يؤمن بالديمقراطية منهجا وطريقا وفكرا وعملا لكانت القاهرة آخر عاصمة يختارها لمنفاه المريب الذي أزعجنا به بنحو لا يطاق ، ولو كانت الشرعية منهجا مقدسا في وجدانه ويضرب في طلابها أكباد الإبل لنأي أصلا من رفع ضراعته التي أخجلتنا لخليفة المسلمين وأمست بعد ذلك وصمة عار في جبين وطن لم يعرف معنى الضراعة والتضرع إلا لله رب العالمين .

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
dirgham@yahoo.com