الجمعة، 7 مارس 2014

لا مستقبل يذكر لهذا الوطن حكما ا



واسفاه علي هذا الوطن ، عبارة أمر من المر كنت أرددها بعد أن أطلق هذا الرجل المحترم عبارتة  أو قنبلته المدوية أمامي فأنجرت علي نحو مفاجي ، مخلفه قتلى وضحايا وأشلاء ، ورفات ودماء ، بالفعل كنت أحترمه  ، أذ هو من كبار أعيان المنطقة وشيوخها ، كان يأتي لمكتبنا علي نحو دوري بغرض إنجاز معاملات هامة .
الواقعة المؤسفة حدثت عندما جاء ذات يوم لمكتبنا بمعية إمرأة سودانية تنتمي لإحدى الولايات الحدودية ، وكانت لغتها العربية ضعيفة بإعتبارها تتحدث لهجة محلية أو ما نسميها بالسوداني (رطانة) ، وهذا أمر طبيعي وليس مستغربا ولا مستتهجنا ، فكل أهلنا في الكثير من الولايات السودانية لهم لهجاتهم المحلية ، وقد تتأثر لغتهم العربية الدارجة بنحو سلبي نتيجة لإستخدامهم تلك اللهجات ، غير إن ذلك لا ينقص من مواطنتهم شيئا ، فسيظلون مواطنون من الدرجة الأولى ، وهي الدرجة الوحيدة إفتراضا وجدلا ، وبإعتبار أن الجميع سواسية في الحقوق والواجبات وفي الوطن أيضا .
تلك كانت وستظل قناعاتي الشخصية إذ لطالما كنت أحن لرؤية وطن لا طائفية فيه ، ولا قبلية به ، وجهوية تأكل من وحدته وكينونته ، ولطالما كنت وعبر تعاملي اليومي مع شرائح المجتمع أكرس هذه المعاني عمليا وواقعيا ، الجميع سودانيون ، والجميع محترمون بل هم يستحقون الإحترام جله وكله ، لا فرق بين قبيلة وقبيلة ، ولا بين ولاية وولاية ، ولا بين لون ولون ، هكذا كنت أسعى في هذه الأرض اليباب وسأظل كذلك ما بقي في الصدر قلب ينبض .
إلى أن جاءني الشيخ آدم في ذلك اليوم الأغبر ، كانت له معاملة في مكتبنا كما أسلفت مع تلك المرآة السودانية الحرة والأبية ، ومشكلتها كما يراه الشيخ آدم في لسانها وفي ولايتها السودانية النائية ، قال لي ببساطة متناهية وبعفوية مطلقة ، هل جاءت (الخادم) ؟..
داور مباغت عصف بي ، فضلا عن رغبة محمومة وملحة في التقيؤ المفاجئ  دفعتني دفعا للإسراع ركضا خارج المكتب ، فما أعرفه يقينا أن كل السودانيين أحرار في وطنهم ، وأسياد فيه أيضا ، ولم يدر بخلدي على الإطلاق ان هناك عبيد وخدم فيه في القرن الحادي والعشرين ، كنت أرغب في المزيد من الإيضاح من الشيخ آدم ، حول من هو (سيد) هذا المرأة السودانية الأبية ، وما هو السعر الذي تم دفعه من أجل الحصول عليها ، نظرت إليه  عبر عينان تقدحان الشرر ، حاولت أن أطرح سؤالي الذي ما برح يغلي في دواخلي ، غير إنني وبصعوبة بالغة ألجمت السؤال ،  فقد توصلت لقناعة قاطعة بان لا جدوى من طرح السؤال عليه ، فقد لا يفهمه ، وقد يستهجنه ، وفي ذات الوقت توصلت لقناعة تامة بأن لا مستقبل لهذا الوطن ..
ضرغام أبوزيد