الجمعة، 10 أبريل 2020

موت فريد أم عصر جديد ؟..

 من المؤكد أن هناك عصر جديد يتشكل الآن في رحم الغيب ، له وجه مختلف عما ألفناه في وجوه الناس وفي سحنات الخلائق على ظهر الأرض ، هذا إن إسفرت عملية التشكل القائمة حاليا عن ميلاد طفل له أسم ووصف وكيان ، نقول ما نقول وقد تتعسر عملية الميلاد ، هذا إحتمال قائم ويجب أن نضعه في الحسبان فعام الكورونا 2020 قد يتلوه عام كسانحة أخيرة وقد لايأت عام بعده ، الأمر كله بيد  الله وحده ليتخذ فينا مايراه مناسبا .
نحن هنا سكان كوكب الأرض نقر ونعترف ونحن في كامل خشوعنا وفي كامل إنبطاحنا غير المسبوق قبلا ، بأننا قد تلقينا رسالة شديدة اللهجة من خالقنا ورازقنا ، ربنا ورب كل الخلائق والموجودات في هذا الكون الشاسع والواسع ، وأننا قد أستوعبنا الرسالة بكل تفاصيلها وبكل معانيها وبكل دلالاتها وبكل نواهيها ، وإننا نقر ونعترف بأننا قد أوغلنا في السفور ، وبطشنا كجبارين ، وأننا قد بتنا نمشي على الأرض إختيالا ، هذا على الرغم من أننا قرأنا التحذير الواضح والمشار إليه بجلاء في الآية  37 من سورة الإسراء (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) .
ومع هذا البيان الواضح كنا نمشى مرحا وكنا نتحدى الجبال طولا ، حتى رأينا الجحيم نهارا ، ونحن الآن نختبئ في جحور لنا لا نغادرها خوفا وهلعا ، وهذا قبل اليقين الباطش والساحق والذي مابعده سعير ولظى لا نقوى عليه بحكم التكوين .
فخامة المبجل كورونا جاءنا ضحى وأبلغنا الرسالة بلسان عربي مبين ، صدعت على أثرها مساجد أوروبا التي كانت مغلقة بالآذان ، ورددت الآفاق التي تموت حياتنا من الصقيع والبرد رددت أسم المصطفى المحرم وضعيا والمرتبط بنحو سافر بإرهاب مزعوم إفكا ، وسقطت على إثر ذلك أميركا المتوجة برئيس كان حتى قبل الكورونا رمز للوضاعة في عداء دين محمد صلوات الله وسلامه عليه ، نعم العالم كله منكفئ الآن على نفسه ، ولكن ليس هذا هو بيت القصيد ، إذ في هذه النقطة تحدث الكُتاب وغرد المغردون من أعالي قمم الأشجار وفي كل الغابات الإفتراضية إلكترونيا .
ما يهمنا هنا وما نريد أن نركز عليه كيف سيكون شكل هذا العالم العاهر والمتجبر حتى الأمس القريب ، هذا إذ ماقرر الله القادر أن يمنح عباده هؤلاء الأشرار الأقزام فرصة أخرى للتدبر والتعقل ، فأصدر أوامره لهذه الجندي الفتاك بالعودة للسماء والكف عن أعمال أسنة رماحة في الأفئدة الخائرة والصدور العارية .
بالفعل أرغب في رسم صورة بانوارمية لهذا المخلوق التافه والمسمى بالإنسان إن مُنح فرصة أخرى وهو يعلم  بأنها الأخيرة ، ولا أرغب وبحكم ماحدث وجرى في روما على سبيل المثال لا الحصر حكما في أن أتخيل مالذي سيحدث إذا ما نظر الإنسان من بعد أن رأي بأم عينيه زائرنا الكاسر وهو يلبي نداء ربه بالإياب .
هل ياترى سيفعل كما فعل الوليد بن المغيرة عندما نظر ثم عبس وبسر ، ثم أدبر وإستكبر ، فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، والإجابة كانت حاضرة منذ أكثر من 1400 عام بأن سأصليه سقر ، وجميعنا يعلم ماهذا السقر ، ذلك كان للوليد ، أما نحن الطغاة الجدد فلنا شأن آخر ، وسقر آخر وجحيم أشد لظى ، ونار لا تصد ولا ترد جزاء وفاقا فلا عذر لمن أنذر .
نحن وأن مُنحنا فرصة أخرى سنكون أخر الأقوام التي بادت والتي منحها الله فرصة أخرى من بعد السانحة التي منحها الله لقوم يونس عليه السلام بعد أن آمنوا في آخر لحظة ، وكان بينهم وبين العذاب المر سمك شعرة لا أكثر .
كم ياترى من الطغاة سيعود لرشده ، وكم من المعتوهين الذين يتلذذون بتجرع دماء البشر ، وكم من السفهاء والمخادعين والزناة والمخمورين سيعودون لجادة الصواب بعد أن أيقنوا حقا وصدقا بأنهم في حقيقة الأمر لاشئ على الإطلاق أمام رب قاهر ، هل ياترى سيعود أولئك لخزائنهم الخاصة حيث مستندات الإفك والضلال والتي بموجبها أعملوا أسنة ونصال الغدر في صدور ضحاياهم ليمزقوها وليضرموا فيها النار بأنفسهم وقد تركها كورونا هناك عمدا ليرى من على صهوة نجمه الساطع والمطل نهار وليلا على كوكب الأرض ليرى ماذا سيفعلون بها .
هل ياترى سيقرون وسيف العذاب مسلط على الرقاب مابرح بأنهم كانوا هم الطاغوت عينه المشار إليه في القرآن ، وأنهم ومنذ اللحظة قد كفروا به وأتخذوا قرارا لارجعة فيه بالناي عنه ؟.
الكرة الآن في ملعب الطغاة على وجه الأرض سواء أكانوا دولا أو حكومات أو (أفراد) ، وهؤلاء الأفراد هم أس البلاء أصلا ، فهم الذين يفرخون شياطين الإنس لتعتلي منابر الفجور ..
وسلام لك وسلام عليك يانجمي الساطع في السماء تسمع وترى ، فها نحن نرى من على البعد نرى ضياؤك فكن شاهدا على إننا قد أبلغنا الرسالة كما ينبغي ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب
00249121338306     

الاثنين، 6 أبريل 2020

ويندوز .. بين ثقافة وصحافة الحاسوب


في زاويتي اليومية (شراع) بـ الوطن العُمانية وبتاريخ 6 فبراير 1999 كتبت المقال أدناه وهو كما ترون يتحدث عن تقنيات الحاسوب في ذلك الزمان ، توقفت أمام هذا المقال وأنا أقوم هذه الأيام بإعداد مقالاتي بالوطن لنشرها في كتاب أو عدة كتب لفائدة القارئ في سلطنة عُمان على وجه الخصوص والقارئ العربي من ناحية عامة ، مايميز (شراع) عن غيرها من الأعمدة بالصحف العربية أنها كنت تتناول كل شيء بهم الإنسان أين وجد وأين كان ، فهذا المقال التحليلي عن الفرق بين ويندوز 95 وويندوز 98 يوضح لكم كما كانت (شراع) مميزة على مستوى الصحافة العربية وستغدو كذلك يوم تأتيكم على هيئة (كتاب) سيبقى أبدا الدهر كوثيقة تحسب للصحافة العُمانية وإلى الأبد ..
===
سألنا أحد قراء ـ شراع ـ عن الفرق الذي ربما قد نكون قد لمسناه ما بين ويندوز95 وويندوز98 ، ولما كان السؤال كبيرا إذ انه يعنى التطرق لكل الآمال والآلام ولكل عسرات المخاض العسير والذي عايشته مايكروسوفت بالدموع حينا وبالأفراح أحيانا ، ذلك اننا ومنذ أن أطلقت الشركة العملاقة ويندوز95 المعرب كنا معها نعايش الأحداث أولا بأول عبر صحافة الحاسوب وهو مصطلح جديد دخل حديثا إلى خاصرة حياتنا باعتباره وعاء ثقافيا مهيبا ، فهو ويوميا يضم إليه المزيد من القراء والمريدين ، وبالقدر الذي يمكننا معه القول بأن صحافة الحاسوب أضحت قوية بما يكفي ، واستشعارا من الأستاذ محمد بن سليمان الطائي المدير العام رئيس التحرير بخطورة الأمر وبأهميته فقد وفر لنا مشكورا اشتراكات سنوية ثابتة في كل مطبوعات الحاسوب المرموقة الصادرة في كل أنحاء العالم وذلك ما أتاح لـ «الوطن» ولزاوية «شراع» أن تضطلع دون غيرها من المطبوعات العُمانية بقضايا الحاسوب والانترنيت والمعلوماتية.
وعندما دخلت خدمة الانترنيت للسلطنة كانت مايكروسوفت الشرق الأوسط تطلعنا أولا بأول على ما يستجد في الساحة وذلك عبر وكيلها الإعلامي Spot On Public  Relations   وهكذا أمسى في وسعنا أن نجيب على سؤال الأخ الحائر ثم نقول أن الفرق ببساطة ما بين ويندوز 95 وويندوز 98 هو تماما كالفرق ما بين ويندوز 3.x ويندوز 95 أي انه شاسع وكبير وهائل ، ذلك أن مايكروسوفت قد استشعرت المآسي التي ما برح يسببها ويندوز 95 وهو مترع كما نعرف بالشوائب والثقوب إلا انه كان خطوة هائلة للأمام باتجاه السهولة والمرونة والشفافية.
وعندما طرحت ويندوز 98 الإنكليزي كنا مع الحدث خطوة بخطوة نتابع ونقرأ ونتمعن ونقارن ، ثم أذكت مايكروسوفت جذوة الفرح في نفوسنا عندما أخطرتنا بأنها ستقدم ويندوز 98 المعرب في فترة قياسية وهذا ما بادرت به فعلا ، وكنا قد نصحنا قراء «الوطن» وقراء شراع تحديدا على الهجرة إلى رحاب ويندوز 98 المعرب عندما تم طرحه وذلك بعد أن لمسنا بأنفسنا بأن عثرات 95 قد تم تلافيها فعلا في 98 فأضحى 98 المعرب بمثابة باقة فواحة فعلا فهو وبإتفاق كل علماء الحاسوب أكثر استقرارا واكثر مرونة واعظم شأنا ويحفل eبالمبتكر والرائع ذلك اننا ننظر بكثير من الاحترام إلى ميزة FAT32  والتي كتبنا عنها يوما في هذه الزاوية عندما استعرضنا 98 المعرب.
وفي جيتكس دبي الماضي كنا هناك قد تناقشنا مع خبراء مايكروسوفت واخبرونا بأسراره ومزاياه وإضافاته الجديدة ، ثم قرأنا كثيرا عن الترقية إليه انطلاقا من ويندوز 95 أو تنصيبه انطلاقا  من الصفر، ثم وعمليا وحتى نقطع الشك باليقين اختبرنا الترقية إليه في الكثير من الأجهزة في معامل مركز الدراسات والانترنيت بـ «الوطن» وكانت النتيجة رائعة 100% إذ لم ينهار أي جهاز من الأجهزة التي أخضعناها للترقية ، لذلك فقد نال ويندوز 98 خيار محرري «الوطن» إذ يمكننا أن نصف الترقية إليه بأنها من أسلس الترقيات التي عرفناها في كل البرمجيات التي تعاملنا معها على الإطلاق.
لذلك فإننا ننصح القارئ الكريم بأن يتوجه إلى ويندوز 98 بثقة وان عليه الترقية إليه انطلاقا من ويندوز 95 بكل إطمئنان فسيجد فيه الرائع والمفيد ، فويندوز 95 أضحى الآن من ذكريات الماضي الجميل هكذا ببساطة ، كما نذكر بأنه من الضروري بالنسبة لنا جميعا أن نهتم بصحافة وثقافة الحاسوب أي أن علينا أن نقرأ وكثيرا جدا في هذا المجال وحتى لا يفوتنا قطار المعلوماتية إذ هو يعدو أسرع من الصوت كما نرى..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب
00249121338306
dirgham@yahoo.com 

الجمعة، 3 أبريل 2020

أحيانا.. هكذا يموت الرجال


إذا كنت قد إحتفلت على طريقتي الخاصة يوم الجمعة 20 مارس من عام الكورونا بعثوري بإحدى ولايات سلطنة عُمان على ملهمتي وعيني التي لاتنام على المجتمع العُماني من الداخل في إطار القصص والحكايا الإجتماعية التي كنت أنشرها بزاويتي اليومية بالوطن العُمانية (شراع) ، والتي كانت تجد تصفيقا يصم الأذان من قراء (الوطن) داخل السلطنة وخارجها ،وحتى يتفهم القراء لماذا كان إحتفالي بالعثور عليها صاخبا ومدويا ها أنذا أنشر إحدى القصص التي روتها لي ونشرتها بزاويتي بوم الإثنين 27 مارس 2000 ، لتعلموا كيف كانت تلك الفاضلة فاضلة معي ، وعلى هذا النسق هناك الكثير من هذا المثير ..
========
في السبعين من عمره، له أبناء وأحفاد، كان في سعة من العيش، فرزق الله كثير ووفير، في هذا العمر يبدو للناظر اقل من عمره بكثير، دفعه واحدة يستقيم واقفا ليس ثمة ألم في الظهر، ليس ثمة اعوجاج في العمود الفقري، ليس ثمة تيبس في الركبتين، على إن نعمة الصحة التي وهبها الله له، دفعته للتفكير في نمط حياته كلها، لابد من أن يكون هناك شئ جديد، شئ فيه جمال وروعة، شئ يعيد إليه شبابه الذي مضى في شعاب الحياة، قرر أن يبدأ من جديد، كيف؟.. ذلك ما توصل إليه بعد عناء تفكير، الزواج مجددا ومن فتاة في عمر بناته، قال في نفسه: لتكن زوجة أجنبية، هي لن تكلفه الكثير، ثم هي ستغدو طوع بناته سيغرقها حتى الأذنين بالذهب، ومن بعد ذلك فلن يُنعت بالكهل احتكاما على أعمار أبنائه وهم رجال لهم في المجتمع مكانة وحظوة.
سافر وأحضرها فتاة رائعة الجمال، ليس مهما ان لا تتحدث العربية الان، فستتعلم بمرور الايام، أمسى كما أراد شابا في مقتبل العمر، عاشت معه بعد أن اسكنها في قصر له جميل، رأت الذهب يزداد في معصميها، ورأت القلائد يزداد وزنها حول جيدها الجميل، وكانت تطلب المزيد وكان يلبى بغير سؤال، اتخذت لها صويحبات من بنات بلدها، حدثنها طويلا بان في هذه البلاد الرجال يتزوجون في بساطة وأيضا يطلقون في بساطة،  وان عليك اخذ الحيطة والحذر، سألتهن كيف؟.. قلن لا نعرف وعليك التوصل إلى الطريقة والطريق، سألت نفسها بأنه ولو طلقها فربما ستعود إلى بلادها خالية الوفاض، وذلك ما لن تسمح بحدوثه أبدا.
في ليلة كان بالقرب منها يغط في سباته العميق كما هو دأبه منذ أن تزوجها!..رأت على جدار الغرفة (برص) يجري، حدقت فيه طويلا كأنها تبثه كل أحلامها ولوعتها من مستقبل تخافه، أسرعت إليه تطارده، استعانت بعصاة لها طويلة، جندلته بعد طراد لم يطل مداه، حملته ميتا إلى المطبخ وأعملت فيه السكين، وكقطع لحم صغيرة أسرعت به لسطح المنزل وضعت الأجزاء الصغيرة على قطعة ورق، أرادت للشمس عندما تشرق غدا أن تلهبه بسعيرها، وكان البرص هناك لأيام، إلى أن جف تماما.
حملت القطع اليابسة ودستها في الخلاط وعلى الفور تحول (البورص) إلى مسحوق ناعم ، أحضرت قنينة صغيرة ووضعت فيها المسحوق العجيب ثم أقفلتها بإحكام، كل يوم وإذ هي تعد طعام الوجبات الثلاثة تنثر القليل من المسحوق على الطعام، والزوج يأكل بالهناء والشفاء، مات بعد ستة أشهر، بكت عليه بكاء الناقة على الفصيل، لطمت وولولت وشقت الجيوب، حملوه وصلوا عليه ودفنوه، أضحت أرملة ثم ورثت ذهبا ومالا وثروة وجاها أيضا، كانت تغني في دواخلها فقد أضحى مستقبلها الآن مضمونا.
ذهبت يوما إلى مركز تجاري للتسوق وفي معصميها الذهب، وجدت إحدى صويحباتها ممن قدمن إليها النصيحة الأغلى عندما كانت لا تعلم شيئا، قالت لها صديقتها حاولت تنفيذ نصيحتك وضعت له نفس المسحوق كما قلت وكما فعلت أنت مع زوجك الراحل، لكنه لم يمت حتى الآن، فماذا افعل؟.. قالت لها في ثقة الخبير العارف وعبر ابتسامة رضى عريضة وهي تداعب أقراط لها طويلة فيها ياقوت يشع: سيموت، فاصبري، فهذا الشيء لا يقتل على الفور، صبر صبر.
إحدى المواطنات سمعت الحوار، لم تفهم شيئا، على إنها استوعبت بان هناك قاتل ومقتول، أبلغت الشرطة على الفور، تم اعتقالهن، الأرملة اعترفت بأنها سممته على طريقتها الخاصة، والأخرى اعترفت بأنه قد أكل ولكن منذ شهرين فقط وإنها تستعجل الخلاص حتى ترث المال والذهب..

 ضرغام أبوزيد


00249121338206
dirgham@yahoo.om

  


استراتيجية ومفهوم العمل عن بعد



تحت هذا العنوان كتبنا بزاويتنا اليومية (شراع) بالوطن العُمانية هذا المقال في عدد يوم السبت 30 يونيو 2001 ، عن مفهوم العمل عن بعد أضحى اليوم ومع نازلة كورونا التي إجتاحت العالم أضحى حديث الساعة بل هو الملاذ الذي يتعين اللجؤ إليها هربا من كوفيد 19 ، وبذلك ياسادتي فقد سبقنا الأحداث بعقدين من الزمان ، تلك كانت زاويتي بالوطن العُمانية تتقدم الأحداث الجسام وبفضل من الله كبير بطبيعة الحال
===============================
في الولايات المتحدة الأميركية وباعتبارها الأب الروحي للتقنيات الانترنتية الكمبيوترية المتجددة، وباعتبارها الأعلى كعبا في حقول البرمجيات الحاسوبية عالميا، وباعتبارها دولة قارة، ثم وباعتبارها تملك في جعبتها الرقم الأضخم لمستخدمي الإنترنت في العالم حتى الآن، فإنها وفي الواقع  قامت بتوظيف إمكاناتها التكنولوجية الهائلة تلك في ابتداع وسائل ووسائط جديدة لأداء الأعمال بالنسبة للأفراد، فالعديد من الشركات الأميركية لا تشترط حضور العامل  شخصيا لمقر الشركة لأداء العمل المناط به أداؤه، هذا رغما عن انه يعد رسميا موظفا بالشركة، وبالتالي تم اختصار العديد من المتطلبات والاحتياجات والتكاليف الخاصة بانتقال الموظف من مسكنه والى مقر عمله، وقد تكون المسافة التي تفصل ما بين سكن الموظف أو العامل وما بين مقر عمله آلاف الكيلومترات، ومع هذا فهو يؤدي عمله على الوجه الأكمل، إنها نظرية العمل عن بعد التي باتت تساهم بإيجابية في إنهاء مشكلات الإختناقات المرورية وفي توفير تكاليف النقل المتزايدة، وهو أمر ينعكس إيجابا على البيئة أيضا إذ القليل من دخان عوادم السيارات خير من كثيرها حتما.
غير إننا لا نستطيع القول بأننا وفي العالم الثالث يمكننا وعلى الفور تطبيق نظرية العمل عن بعد كما هي مطبقة في أميركا، الأسباب كثيرة ومتعددة، ذلك إن نظرية العمل عن بعد تعتمد أساسا وقبل أي شئ آخر على كفاءة خدمة الإنترنت في أي دولة ترغب في تطبيقها، والكفاءة هنا تدفع أمامها دفعا خريطة بنية الاتصالات التحتية في ذلك القطر، فعدد مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركية يقترب من الـ 82  مليون مستخدم، والخدمة هناك ما شاء الله لا يمكن مقارنتها مع أي دولة أخرى متقدمة، ونحن هنا نحجم عن إقامة أي مقارنة في هذا الجانب ما بين أميركا وأي دولة نامية، فالمحصلة مخجلة، وبالتالي لا يمكننا القول بان العالم  الثالث سيغدو في مقدوره تطبيق نظرية العمل عن بعد في هذا العقد على الأقل، لنا أن نلقي نظرة عجلي على عدد مستخدمي الإنترنت عبر عينه عشوائية مختارة من أفريقيا مثلا، النيجر 300 مستخدم، رواندا 200 مستخدم، توجو 450 مستخدم، الخ الخ، أما قارة آسيا فبالمقارنة مع عدد السكان الضخم فان أعداد مستخدمي الإنترنت لا تزال بعيدة كل البعد عن العدد الإجمالي لسكان هذه القارة الأضخم، هنا يمكننا أن ننشئ نظرية موازية لنظرية العمل عن بعد ومؤداها بأنه وكلما اقترب عدد مستخدمي الإنترنت في دولة بعينها من العدد الإجمالي للسكان عندها يمكننا القول بان تلك الدولة في طريقها لتطبيق نظرية العمل عن بعد والعكس أيضا  صحيح.
كما إن ثمة عائق آخر نخالة لا يقل أهمية من معضلة البنى التحتية الخاصة بالاتصالات وعدد مستخدمي الإنترنت وتتمحور حول مفاهيم أداء العمل نفسه في منظومة الدول النامية، فالشركات مثلا المنتمية للعالم الثالث لا تستطيع على الإطلاق التصديق أو الإيمان بان الموظف الذي لا يداوم الساعات المعلومة هو في الواقع يقوم بأداء عمله، أي إن حضور الموظف شخصيا إلى مقر العمل تفوق أهميته أداء العمل نفسه، المهم أن يحضر وان يوقع على كشف الحضور والانصراف، أما أن يقدم إنتاجا فذلك ليس هاما في حد ذاته، هذه عقدة لا نستطيع نفيها أو إنكارها، وبالتالي يصعب على رب العمل في العالم الثالث تقبل هذا النمط من العمل ومن زاويته النفسية البحتة.
ثم نشير إلى أن الذين يعملون عن بعد في أميركا يقدمون إنتاجا رائعا واكثر جوده إذ هم في الأصل متحررون من الزي الرسمي للوظيفة، ومن الملاحقة البوليسية المعتادة ما بين الرئيس والمرؤوس، وبما إن استلام الأجر مرتهن فقط على الأداء كما وكيفا فانهم وعبر التواصل الحار والملتهب مع مقار شركاتهم وعلى مدار الساعة عبر الإنترنت فانهم يبدعون واقعيا وعمليا، ويستلمون على الفور مستحقاتهم المالية المحولة إليهم إلكترونيا مع باقة عطرة من الثناء والشكر من قبل مدير الشركة أو المؤسسة..

ضرغام أبوزيد
00249121338306