الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

ذروة سنام الإسلام جهاد في سبيل الله


إذا كنا نشاهد على شاشات التلفاز الذين يسقطون بوابل رصاص غادر في حمى فلسطين السليبة من قبل حفنة كفرت بالله وبرسوله، فإننا وبالإيمان نفهم ونستوعب الدوافع والأسباب التي حدت بهم إلى تقديم المهج والأرواح رخيصة من اجل أن يبقى الوطن حرا شامخا أبيا، ومن اجل أن تبقى القدس طاهرة اليد واللسان تماما كما كانت يوم سقطت العام 636 في يد المسلمين في خلافة عمر بن الخطاب، فالتقت جيوش المجاهدين في باحة الأقصى الشريف، ثم جاء عمر بن الخطاب من المدينة ليتسلم مفاتيح بيت المقدس، عندها لم يؤذن بلال على الإطلاق منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاه عمر أن يؤذن في هذا اليوم الأغر، فصعد بلال وبدأ الآذان وعندما  وصل إلى اشهد أن محمد رسول الله بكى وبكى الناس جميعا تذكرا لحبيبهم وقائدهم محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي بث فيهم حب الجهاد في سبيل الله، يومها عادت فلسطين إسلامية عربية نظيفة طاهرة اليد واللسان، فقد عادت إلى أهلها وصدحت في مآذن القدس كلمات التوحيد لله وحده.
ذاتها فلسطين العربية والتي تعرضت للهجمة الصليبية الماكرة في الفترة (1096 - 1291م) غير إنها أمست بعد ذلك جزءا لا يتجزأ من الإمبراطورية العثمانية عندما سقطت في أيدهم عام  1516 للميلاد. وكان التحول الأعظم في تاريخها الحديث عند صدور وعد بلفور المشئوم عام  1917  ثم خضعت للانتداب البريطاني عام 1920 عندها بدأت الهجمة الصهيونية الشرسة فبدأ الصهاينة يتدفقون إليها على حساب أهلها العرب، وكان قرار التقسيم الذي أصدرته المنظمة الدولية عام 1947 بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير هذا الوطن العربي العزيز، وكان طبيعيا ومنطقيا أن يرفض العرب قرار التقسيم باعتباره يمنح موطئ قدم لمن لاحق له، وبإعلان بريطانيا انتهاء الانتداب في 14 مايو  1948. كان الصهاينة قد اعدوا الطبخة الأسوأ في تاريخ الصراع الطويل إذ أعلنوا قيام دولتهم أو شوكتهم في خاصرة العرب وما بعد ذلك معروف للجميع.
 إذن وبالتاريخ نجد أن فلسطين عربية القلب وعربية اللسان كانت وستظل، وان الغزاة الذين يتحدون إرادة أمم الأرض الآن ما هم إلا قطاع طرق وفدوا إلى هذا الجزء العزيز من الوطن العربي في غفلة من التاريخ يوم توسد باحة بيت المقدس وأغفى إغفاءة له قصيرة وعندما عاد إليه الوعي وجد إن الأرض ما عادت كما كانت وان الغزاة ملئوا الأرض فحيحا وهم يتحدثون عن وطن لهم في قلب الأمة العربية المجيدة، الزعم كان باطلا والادعاء كان كذبة والافتراء كان على الله وعلى الرسول فلا غروا إذن من أن يستمر الجهاد عارما كما أوصانا كتابنا العزيز وكما حضنا رسولنا الكريم في آيات من الكتاب عديدة تتحدث في بلاغة عن فضل الجهاد فإذا هو واضح وضوح الشمس ولا لبس فيه إذ يقول رب العزة في سورة الحجرات (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون(15) ويقول رب العزة في سورة الصف (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون(11)  ويقول تعالي أيضا في ذات السورة (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص(4) وفي آل عمران يقول تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون(169) .
ولان الأمر كذلك ها نحن نجود بأموالنا في سبيل الله نصرة وإعلاء لكلمة الله في الأرض، ذاك فضل من الله عظيم أن نجد أنفسنا نجود بأموالنا وصدقاتنا في سبيل الله سعيا لمرضاة الله إذ رب العزة ابلغنا في كتابة العزيز بأن (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم(92) وما نجود به هو عند الله قائم وشاهد والى أن نلقى الله في يوم لا ريب فيه.
إذن فان الجهاد هو ذروة سنام الإسلام، هكذا بكل وضوح والذين هم خير منا بحكم الأمر الواقع هم الذين يجودون بالمهج الآن على ثرى غزة الفلسطينية، الصقور في تل أبيب وهم يطلقون التهديدات تارة والوعيد كرة أخرى مطالبين بإيقاف (الإرهاب) الفلسطيني وإلا فالموت، ذلك ما يدفعنا حقا للضحك حتى الثمالة وفي مواقف لا تحتمل الضحك أصلا، ولكنها ضحكات لمن وجد نفسه في رهان مع من لا يفقه أصلا أسباب أن يفتح المجاهدون صدورهم للرصاص والقذائف وهم عزل من السلاح اللهم إلا سلاح الإيمان الغلاب، أولئك الذين انتظموا في صفوف الشهادة قد زهدوا في حياة لا تستحق أن تعاش والأقصى المبارك يدعونا وهو يئن الما للجهاد زودا عنه وعن حياضه، أولئك يسعون بالمناكب إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وأولئك يؤمنون بان ما عند الله خير وأبقى، هم لوحدهم يفهمون وهم لوحدهم يستوعبون عمق المضي قدما في طريق الجهاد.
انه الطريق نفسه الذي سلكه رسول الله من قبل وهو في طريقه إلى خيبر، وقتها أعلنها رسول الله في وضوح تام بأنه في طريقه لخيبر معقل يهود الأخير في المدينة، فبعد أن ذبح رسول الله بأمر الله يهود بني قريظة يوم تأمروا على الإسلام والمسلمين في المدينة أيام محنة حصار الخندق، فكانوا شوكة الغدر التي من الممكن أن يدخل منها المشركون إلى المدينة وقد أطبقوا عليها من كل الجهات، ولأنهم كانوا أبدا صنو لمعنى الغدر فقد نقضوا عهدهم مع رسول الله ومزقوا الصحيفة التي هي بمثابة عهد وميثاق، وبعد إن جاء نصر الله وشتت رب العزة جموع الأحزاب خلع رسول الله رداء الحرب، فدخل عليه جبريل عليه السلام على هيئة دحية الكلبي رضي الله عنه فقال: إن الله يأمرك بقتال بنى قريظه، فقال رسول الله قولته الشهيرة: من كان يؤمن بالله واليوم والآخر لا يصلين العصر إلا في بنى قريظة، فتدافع المؤمنون ركضا إلى ديارهم، وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه هو الحكم والفيصل بعد أن ارتضوا بان يكون الحكم فيهم، ورغم انه كان يعاني من جرح بليغ أودى به في نهاية المطاف فجاءوا به محمولا فكان يردد قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم وحكم فيهم فقال: يقتل الرجال وتسبى النساء والذراري، فكبر رسول الله وقال: حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات طباقا،  فذبحوا واحدا تلو الآخر ذبح الشياة، وكان أمر الله مقضيا فيهم.
وبقيت خيبر، وفي خيبر وفي شأن خيبر كان قول الله واضح وبين إذ الآيات تتنزل على رسول الله (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما(20).. عجل لهم رب العزة فتح خيبر، لقد قال الله قولته فيهم فلا مهرب من قضاء الله، فسار إليهم رسول الله بجيشه في وضح النهار وعندما رأوا جيوشه وأعلامه صاح صائحهم (محمد واخميس .. محمد واخميس) الخميس هو الجيش وفيما بعد نزال مر سقطت حصون خيبر واحدا تلو الآخر تصديقا لوعد الله عز وجل، فعادوا أصاغر في الأرض كما كانوا أبدا، تلك غضبة الله عليهم والى يوم الدين، والذين سقطوا قتلى يوم الجهاد في خيبر من جنود الله كانوا شهداء عند ربهم يرزقون فقد دخلوا جنان لله رحيبة يمرحون فيها والى الأبد.
إذن كانت خيبر بمثابة الحد الفاصل ما بيننا وبينهم، وليس ثمة أمر أو حل وسط، الجهاد الذي يخوضه المؤمنون في فلسطين هو امتداد لجهاد الرسول في خيبر، حتى انهم ونقولها للذكرى حاولوا قتل رسول الله فأطعموه السم في قصة مشهورة فقال رسول الله إذ هو في فراش الموت (مازلت أجد من الأكلة التي أكلت يوم خيبر) أي أجد الألم من ذلك الطعام المسموم فنال رسول الله اجر الشهادة في سبيل الله إذ هو جاهد في الله حق جهاده في خيبر .
ستظل خيبر إذن امتداد منطقي وتاريخي لسجال الدهور الذي بدأ بيننا وبينهم، ورب العزة يشهد انهم لكافرون ورسول الله يشهد انهم خرجوا من ملة المؤمنين يوم عادوا وحاربوا وكفروا بالإسلام وبرسول الله إلى الناس كافة، كانوا يعلمون انه صلى الله عليه وسلم هو النبي الخاتم، ومع هذا عاوده ورفضوا الدخول في دين الله وقد تبين لهم في صحفهم الأولى انه النبي الذي وعد الله بظهوره في مكة، ومن يومها هم أعداء لله وهم وإلى جهنم يساقون زمرا وفرادى، واما قتلانا في  فانهم إلى الرفيق الأعلى من الجنة مع الصديقين والشهداء على مر الأزمان، ليتهم بعد ذلك يفقهون أسرار الإصرار على تقديم المهج رخيصة من اجل الوطن ومن اجل الدين ومن اجل العرض ومن اجل الأقصى الشريف، ليتهم يفقهون بان راية محمد لن تسقط أبدا رغم البطش ورغم الظلم ورغم النار..
ضرغام أبوزيد

  





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق