السبت، 31 أكتوبر 2015

حديث الإفك شاهدناه كحية تسعى في شوارع الخرطوم



حديث الإفك المذكور في القرآن الكريم وفي سورة النور تحديدا درسناه وإستوعبناه وفهمناه وإستخلصنا منه العبر والدروس وعميق الحكمة بعيدة المنال منذ أن كنا طلابا في المرحلة الثانوية وخرجنا منه بالموعظة القائلة أن علينا تلجيم ألستنا بقدر ما نستطيع ، فهذا اللسان قادر تماما على أن يقود الناس إلى نار جهنم مصداقا للحديث الشريف وماذا يكب الناس في نار جهنم غير حصائد إلسنتهم .
الحديث المذموم والذي شغل الناس هنا في الخرطوم وباقي ولايات السودان كان أقصوصة (فساد الجمارك السودانية) ، حكاية مجنونة وظالمة لنفر كريم من أبناء هذا الشعب أفنى عمره في خدمة وطنه بتجرد ونكران ذات ، كان ذلك مدير مكتب مدير الجمارك المقدم / طارق محجوب ، والمدير المظلوم اللواء / سيف الدين .
يقول الخبر الكارثي الذي تناولته صحيفة سودانية بإسهاب وتمت صياغته بلغة لا تخلو من ركاكة ونشر على نطاق واسع على الواتساب والفيسبوك ، يقول الخبر الكاذب وهذه مقتطفات منه :

( تم التحفظ على الممتلكات والأرصدة والمنقولات ، وبلغت  قيمة مبلغ التجاوزات  85 مليار جنيه ، وحتى الأن أكتشفوا أمتلاك 20 ضابطا لمحلات بيع التلفونات الحديثة والغالية الثمن ، التحدي الكبير في مواصلة القضية وجرجرة كل متورط مها علا شأنه ولن يتم ذلك إلا بمباركة ذات (الجهة العليا) وتحت جناحها هذا إذا رغبت فعلا في كبح جماح الفساد الذي ملأ وأصاب الأنوف كالسرطان ناهيك عن رائحته التي باتت معتادة ولا تحرك بهم ولا فيهم ساكنا ) .

وبما إن الخبر كان حديث الناس وشغلهم الشاغل هنا في الخرطوم إذ الكل بات يتحدث عن فساد الجمارك السودانية التي تعد المفصل الأساس في منظومة إقتصاد الدولة ، وزارة الداخلية التي تتبع لها الجمارك أخذت الأمر على محمل الجد بطبيعة الحال ، فالواقعة خطيرة بكل المقاييس ، وتم إجراء التحقيقات اللازمة والصارمة والدقيقة ، بعدها صدر البيان الختامي معلنا براءة اللواء سيف الدين ومدير مكتبه والجمارك من ناحية عامة من كل تهم الفساد المنسوبة إليها وإليهم ظلما ، ليرتد السهم وفورا إلى صدور مطلقيه بناء لمنطوق نظرية نيوتن القائلة (لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له في الإتجاه) .
هنا فإن الذين أندفعوا كخيول جامحة لا تلوي علي شئ في إطلاق تلك الإتهامات فادحة العواقب هل تراهم قد سألوا أنفسهم عما خلفته كذباتهم الماحقات الساحقات على المستهدفين وأسرهم وأهليهم ، هل تخيلوا مقدار الألام المبرحة التي أشعلوها بغير رحمة في نفوس إولئك الأبرياء الأتقياء إذ كافأهم الوطن على حسن صنيعهم بالطعنات واللكمات وبالغمزات وبالهمسات الماجنات ، هل ياترى يعلمون ماذا كان حكم الله في الذين فقط تناولوا قصة حديث الأفك المذكورة في القرآن تناولا سطحيا ، هل يعلمون بإن الأمر الألهي قد صدر بجلد حمه بنت جحش أخت زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش التي زوجها الله له من فوق سبع سماوات طباقا ، وجلدت فعلا ، ثم هل يعلمون بأن شاعر رسول الله حسان بن ثابت قد جلد أيضا ، فإذا كان أولئك الصحابة الكرام قد جلدوا وهم ليسوا المصدر الأساس في الحديث كله فماذا عساه يكون الحكم واجب التنفيذ فيمن أكدوا بغير دليل على فساد الجمارك السودانية ورجالاتها المشار إليهم ؟..
أحد الأصدقاء سألني في رسالة على الواتساب قائلا (لماذا لا تكتب يا أستاذ عن فساد الجمارك ؟) ، كان ردي عليه بأن أرسلت إليه صورة (مسدس) مع صورة إبتسامة من تلك الباقة الموجودة ببريمج الواتساب ، وكان ذلك قبل صدور بيان وزارة الداخلية ، كنت أقول له (بأنني لست قاتلا ، ولن أعمد لتنفيذ القصاص بغير دليل دامغ وحتى في وجود دليل فلست أنا المسئول عن تنفيذ أي عقاب أو قصاص ، فما قرآته كان أبعد ما يكون عن التصديق ولم يقدم أي مستند أو بينة على إن ما حدث قد حدث فعلا ، وكنت كصحافي معتق مارست هذه المهنة وفي هذا الجانب تحديدا بمسقط عندما كنت أقدم في الثمانينات صفحة الحوادث والقضايا التي أثارت جدلا إيجابيا واسع النطاق وقتها بالسلطنة ، غير إن مستوى المصداقية في ما كنت أكتبه كان 100 %  ، إذ كنت أتوجه للمحكمة الجزائية بالخوير بمسقط وإستلم من أحد القضاة هناك صورا من الأحكام التي تم البت فيها قضائيا بصورة نهائية وأضحت موثقة تماما .
كل ما كنت أفعله وكان عذابا يوميا لا زلت أحس بألامه في ما بين حنايا الضلوع وتحت الحجاب الجاجز رغم عدو السنين ، هو إنني كنت أقدم صياغة سلسلة للوقائع مستفيدا من قدرات قلمي على التخيل والنسج والتصوير وبقدر يدفع القلوب لتخفق بسرعة غير معتادة ومع ما يتبع ذلك من تصبب للعرق وبرودة في الإطراف وما إلى ذلك ، وبالتالي لم يحدث قط إن جاءنا تظلم ما من إن ما كتبناه ليس حقيقة أو هو نسج خيال ، تلك هي الصحافة التي نعرفها وذاك هو الإعلام الذي نحترمه ونجله.
علي إن الواقعة أطلقت التساؤلات المحمومة عن ماهية الأسباب الموضوعية لإنحدار مستوى الصدق والمصداقية إلى هذا الدرك السحيق والمخجل والمؤسف في بعض الصحف وفي وسائط التواصل الأجتماعي ، ذلك إنني الآن بت أقرأ الأخبار الواردة على الواتساب والفيسبوك وأفترض بداية وجدلا بأن ما هو مكتوب غير صحيح بل هو كاذب وبمستوى يصل إلى 99% ، كأن نسج الأكاذيب وإتهام عباد الله ظلما بأت السلاح الأحدث في النيل من النظام الحاكم متناسين بأن هكذا وقائع تتجاوز الحاكم والمحكوم معا إذ عقابها وحسابها عند الله أفدح وأنكأ ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
مدير جروب قدامى المحاربين الإعلاميين
واتساب : 00249121338306

الاثنين، 26 أكتوبر 2015

العلاقات السودانية الإيرانية .. لماذا فشلت الخرطوم ونجحت مسقط ؟..



إلى وقت قريب كانت العلاقات السودانية الإيرانية في قمة عنفوانها ، وكان التعاون في كافة المجالات الإقتصادية والسياسية و (العسكرية) قائم على قدم وساق ، لطالما إثارت العلاقات ما بين الخرطوم وطهران القلق في الأوساط الأميركية والأوربية أو ما يسمى مجازا بـ (المجتمع الدولي) ، حدث ذلك عندما كانت إيران (إرهابية !!) وكانت قابعة في قائمة الخارجية الأميركية للدول المارقة راعية الأرهاب ، وكان يُنظر بالتالي لهذه العلاقات بإعتبارها تحالفا غير مقدس ما بين شياطين كوكب الأرض ، وهي علاقة يتعين ردعها وتقليم أظافرها الطويلة الحادة وبأي وسيلة وبأي ثمن ، على ذلك مضت العلاقات تأرجحا ما  بين نقمة الغرب وتحفظ دول خليجية ما برحت تنظر للخرطوم بإعتبارها مؤطئ قدم للمد الشيعي القادم لا محالة عبر البحر الأحمر وصولا لشواطئ السعودية والإنطلاق منها لإكتساح دول الخليج العربي ، وكانت علاقات الخرطوم والرياض تراوح مكانها ، فالرياض لم تخف أبدا أمتعاضها من تنامي هذه العلاقات المشبوهة ، إلى أن حدث التحول الجذري بعد عاصفة الحزم .
الآن يحق لنا كمراقبين للمشهد السياسي السوداني أن نتساءل عن الخلل والخطأ الذي أرتكبته الخرطوم وطهران معا وأدى في نهاية المطاف إلى إنهيار العلاقات الثنائية بينهما وبهذا النحو المريع ، كانت المفارقة مدوية بطبيعة الحال ، ففي الوقت الذي نأت فيه الخرطوم بنفسها من أكبر دولة متهمة برعاية الأرهاب ومن أكبر حليف إستراتيجي لها بعد الصين على أمل أن يجد هذا الموقف الثناء والإستحسان من واشنطن وأوروبا ،  نجد أن واشنطن وطهران راحتا في عناق حالم تحت ظلال أشجار ندية ،  ليعلن البيت الأبيض الأميركي بعدها بأن طهران لم تعد إرهابية بعد الإتفاق النووي التاريخي وإنها عادت بالتالي للحظيرة الدولية كدولة راعية للأمن والسلم الدولييين ، وليبقى السودان وحده هو الأرهابي الوحيد .
وما بعد الإتفاق تم الإفراج عن 180 مليار دولار علي حد تعبير الزميل / عبد الباري عطوان كأصول مجمدة في البنوك الغربية ، وتم رفع الحظر الإقتصادي القاسي ، وتم إعادة إيران للمنظومة الإقتصادية الدولية ، وهذا يعني تسارع عجلة النمو العلمي والإقتصادي والعسكري بها ، وستغدو أكبر منتج للنفط في الشرق الأوسط  بل ستسيطر على أسعاره إرتفاعا وهبوطا ، وفي المقابل لن يكون هناك منافس إستراتيجي شرق أوسطي يمكن تسميته ليغدو مؤهلا لمناطحة إيران الحجة بالحجة واللكمة باللكمة  هنا يحق لنا أن ننعى للملأ العراق الصدامي العتيد ، أخر قلاع القوة العربية البائدة .
ثم يمكننا القول بأن الخرطوم قد خسرت إيران في الوقت غير المناسب على الإطلاق ، وهذا من سؤ حظها بالتأكيد ، وهي بذلك تلعق مرارة أخطاءها في تحديد أطر هذه العلاقات وبجلاء ومنذ البدء ، تركت الحبل على الغارب ، والخطوط المعنية هي كالتي حددتها العاصمة العٌمانية مسقط في كل علاقاتها الخارجية القائمة على مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى ، شقيقة كانت أم صديقة وبأي صورة من الصور وبأي شكل من الأشكال ، والعكس صحيح بالطبع ، وهذا ما منح عُمان موقعها المتفرد في الخارطة السياسية الدولية ، فلا غرو أن يعلن صندوق النقد الدولي اليوم الإثنين 26 أكتوبر 2015 وكما أبلغتنا بذلك صحيفة الرؤية العُمانية بأن السلطنة هي أكثر دول المنطقة آمنا ، ذلك لم يأت من فراغ فهو نتاج طبيعي للسياسة الحكيمة والحصيفة لهذه الدولة ، والتقرير له إنعكاسات إقتصادية هائلة ستعود خيرا على عُمان إذ ستغدو في المرتبة الأولى كجاذبة للأستثمارات الأجنبية .
إيران تعرف وتعلم بأن السلطان قابوس بن سعيد لا يهادن في تلك المبادئ المقدسة عُمانيا إذ هي عنوان للسياسة الخارجية لبلاده ، وبالتالي لم تعمد أبدا إلى التبشير بالمذهب الشيعي داخل السلطنة رغم وجود مواطنين شيعة بعُمان يعيشون جنبا لجنب من إخوانهم الأباضية والسنة وبدون أن يعلم أي زائر لهذا البلد بأن هناك مذاهب دنية شتى إذ لا مظهر يشير لذلك فلا تفرقة دينية أو مذهبية أو عقائدية وفي كل مجالات الحياة ،  المواطنة هي الأساس هناك ، نقول ذلك بعد حوالي عقدين من الزمان مكثناها مكرمين أعزاء بمسقط وكنا فيها فاعلين كما يحب ربنا ويرضى في المنظومة الإجتماعية والفكرية والثقافية العُمانية .
هذا الإحترام الإيراني للشأن الداخلي العُماني هو السر في إستمرار العلاقات الثنائية بينهما رغم توترها مع باقي دول المنطقة ، وكانت مسقط هي اللأعب الأساس والوسيط الموثوق به ما بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي وباقي الدول العربية والأجنبية ، كما ساهمت وبإيجابية في الوصول للإتفاق النووي الأخير ، فطهران يهمها أن تبقى على علاقاتها الوثيقة مع السلطنة مع التأكيد على الإحترام المتبادل ، وهي علاقات قديمة وضاربة في عمق التاريخ والتبادل التجاري بينهما كان ولا يزال قويا وفاعلا .
وبما إن الأمر كذلك ، فإن السلطنة ستجد نفسها أول المستفيدين إقتصاديا عبر التبادل التجاري القديم الجديد مع إيران الجديدة كليا والتي تجري دماء الصحة والعافية في شرايينها هذه الأيام كما لم تجر من قبل ،  فإذا كان السودان أول الخاسرين لإيران فإن عُمان هي أول الفائزين لقد رفعت الأقلام وجفت الصحف .
فإذا كانت إيران لم تعمد أبدا للتبشير بالمذهب الشيعي في عُمان رغم القرب الجغرافي بينهما فلماذا فعلت ذلك وبقوة في علاقاتها مع السودان واليمن رغم بعدهما الجغرافي ؟..
سؤال ضخم وهائل ، وبالمنطق وفي محاولة الإجابة عليه لا بد من الإقرار بان الخرطوم لم توضح لطهران وبجلاء ومنذ البدء بان التبشير بالمذاهب هو خط أحمر ، وأن التدخل في الشأن الداخلي هو خط أحمر مزدوج ، ولأن التساهل السوداني كان في عنفوانه فكان إن إستغلته طهران وبنحو صريح ودفعت بكل إمكاناتها الشيعية لكل ولايات السودان السني منذ الأزل ، وكان من المفترض زمنيا أن تندلع وللمرة الأولى في السودان حرب أهلية مذهبية ، تماما كما هو واقع باليمن الشقيق ، إذ لم تستطع صنعاء الضعيفة في الوقت المناسب تلجيم التبشير الشيعي الإيراني فحدث ما حدث ، وبما إن الخرطوم قد إنتبهت بعد خروج القطار عن القضيب ، فوجدت نفسها بالفعل أمام مفترق طرق ، أما إختيار طهران أو الرياض ، ولا توجد منطقة أوسطى هنا علي الإطلاق ، فكان قرارها بإختبار الرياض لإعتبارات موضوعية معروفة .

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
مدير جروب قدامي المحاربين الإعلاميين العرب
الراعي الرسمي لجميعة الصداقة السودانية العُمانية
 واتساب : 00249121338306

السبت، 17 أكتوبر 2015

من يتصور مع من ؟



صورة تساوي مليون كلمة ومليون رسالة سياسية شديدة اللهجة ومليون رسالة إجتماعية بالغة الفصاحة .
الرسائل والكلمات أو اللكمات موجهة للبيت الأبيض الأميركي بدءا ، وللرئيس أوباما شخصيا ثم للجونجرس الأميركي بشقيه وللبنتاجون ولناسا ولمايكروسوفت ولبيل جيتس ولآبل ولعموم الشركات الأميركية ثم للشعب الأميركي فردا فردا بكل طوائفة بكل أجناسه بكل ألوانه بكل أطيافة .
الفتى السوداني الأميركي أحمد محمد الحسن صاحب الساعة الأسطورية الشهيرة مع الرئيس السوداني البشير ، أو البشير مع أحمد لينظر  كل منكم للصورة من الزاوية التي تروق له .
هنا فإن الخرطوم قد أفلحت في  توجيه الصفعة المناسبة حجما ووزنا للإدارة الأميركية وفي وضح النهار ،  فهذا الإرهابي السوداني الصغير أمسى رأس الرمح  في كنانة الخرطوم في نزالها المشروع ضد الصلف الأميركي المصر على بقاء السودان في قائمة الخارجية الأميركية للدول راعية الإرهاب .
ثم إن الدبلوماسية السودانية أفلحت دون شك في إستغلال الواقعة لأقصى مدى ممكن وهذا ما يسمى في عرف رياضة الملاكمة بالضربة الفنية القاضية وهي عينها وذاتها التي إستخدمها الأميركي الأسطوري الأسود محمد علي كلاى في توجيه صفعاته للبيت الأبيض عندما رفض أن يحمل سهما ضد الحياة في فيتنام عندما أمره الصلف الأميركي وقتها بالقتال ضد ثوار الفايتكونج وضد هوشي منه العتيد .
ولأننا وفي السودان كنا قد أحببنا كلاى الأسود وناصرناه وصفقنا له بإعتباره جزءا منا وقطعة من كياننا وصفقنا له وبغض النظر عن جدلية المكان وبعده  فآن التاريخ اليوم يعيد نفسه فقد أستطاعت الخرطوم أن ترفع العلم السوداني في ساريات البيت الأبيض وفي ساريات البنتاجون الذي قصف ودمر بغير رحمة مصنع الشفاء السوداني عبر عدوان لا تنقصة الهمجية ولا البربرية على شعب لم يرتكب جريرة غير  إعتناقة للإسلام دينا .
  الآن وفي اللحظة والتو فإن عتاة الساسة في أميركا العظمي نحسب إنهم في حيرة من إمرهم ، فهل تراهم سينظرون للصورة بإعتبارها عملا إرهابيا منظما قامت به الخرطوم لإرهاب الشعب الأميركي عبر تأكيد عظمة العقول السودانية اليافعة ومقدرة السودان العقل علي إختراع ما يخيف أميركا فعلا وبالتالي فإن نظرية بقاءه في قائمة الإرهاب لها بالفعل ما يبررها .
فرئيس الإرهابيين الأفارقة والعرب يستقبل إبننا الأميركي اليافع ويحضه على إختراع المزيد من (المخيفات المرعبات) على الأقل لسرقة النوم من عيون ساكني البيت الأبيض وتلك ضربة فنية قاضية في حد ذانهار..
أم ترى إن الذوق الأميركي الرفيع سيتسامى فوق ذاته للمرة الأولى وربما الأخيرة ويتحلى بالروح الرياضية واجبة الإتباع ثم يقر بأن الأقدار ال لا رخية هي وحدها التي اهدت الخرطوم هذا النصر الداوي وإن واشنطن وفي واقع الأمر لاحيلة لها ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
مدير جروب قدامى المحاربين الإعلاميين
الراعي الرسمي لجميعة الصداقة العمانية السودانية

الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

أميركا والسودان بين مطرقة العقوبات وتأنيب الضمير



 للمرة الأولى في تاريخ العقوبات الأميركية الجائرة والمفروضة على السودان يجتمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره السوداني غندور في إطار زيارته للأمم المتحدة ، الإجتماع جاء بعد العاصفة الهوجاء والتي أمست حديث العالم بعد أن قام الحس الأمني الأميركي المتطرف والمعادي لنفسه قبل الأخرين
بالإيعاز للشرطة بأن النابغة السوداني الأصل اليافغ / أحمد محمد ، الإرهابي الأصل والجذور والأميركي الجنسية في طريقة لإختراع قنبلة متقدمة مستفيدا من نبوغه المبكر في علوم الحاسوب .
ولأن أميركا عظمى ولا تهادن أو تجامل في كل الإختراعات الجهنمية الإرهابية الوليدة ، ولأن حاستها الأمنية السادسة هي أصلا سابقة وقادرة على إختراق مجاهل الحُجب فقد سارعت لإعتقال هذا الإرهابي السوداني الصغير بعد أن صفدته بالأغلال ، ثم إستجوبته بعنف ضار من أجل إنتزاع علاقته الإهاربية مع موطنه الأم السودان أعني ، وبالقطع كانت واشنطن تمنى النفس في تقديم الدليل القاطع والحاسم على ضلوع الخرطوم في دعمها المزعوم للإرهاب والمتمثل في النابغة أحمد ، إذ هي عجزت حتى الأن رغم سني الحصار الطويلة عن تقديم بينة واحدة تقنع به الرأي العام العالمي والأميركي على وجه الخصوص بحقيقة دعم الخرطوم لهذا الأرهاب ، عليه ظل بقاء السودان في قائمة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب بغير مبرر وبغير دليل وبالقطع بدون منطق .
ففي الوقت الذي تمضي فيه واشنطن في تجديد العقوبات عاما بعد آخر في إطار ذات الإتهام ترى رأي العين بأن السودان المنعوت برعايته للأرهاب هو في الواقع أكثر دول المنطقة أمنا وأمانا ، السودان الأن محاط بخيوط عنكبوت الدواعش إذ هم يعيثون في الأرض أرهابا وفسادا ، راهنت واشنطن على الدولة الجديدة في جنوب السودان بل دعمت إنفصاله بالمال والسلاح والعتاد فما لبثت أن إكتشفت بأنها قد راهنت على حصان خاسر وإذ هي تلعق جراحات أكبر أخطاءها على الإطلاق بعد أن أفنى أبناء الجنوب أنفسهم بأنفسهم في حربهم الأهلية الضروس القائمة على قدم وساق وبسلاح أميركي إسرائيلي صرف .
ما بعد كل ذلك نخلص إلى أن واشنطن في حيرة أخلاقية لا تحسد عليها ، فهذا الفتى السوداني الجذور كان وواقعيا هدية علمية لا تقدر بثمن قدمها السودان الإرهابي للحضارة الأميركية شاهقة العلو ، وفي مقابل صفعات ولكمات ما برحت واشنطن تكيلها للسودان الشعب عبر حصار جائر بلغ مداه وأذاه عنان السماء إذ الطائرات السودانية تسقط في سفرياتها الداخلية بسبب نقص قطع الغيار ، وإذ الإقتصاد والزراعة والصناعة كلها تعاني بسبب الحصار ، وتهمة دعم الإرهاب لا تزال قائمة وباقية ، إذن نحن هنا نقدم إرهابنا النافع للشعب الأميركي على هيئة علماء صغار هم في طريقهم لقيادة ناسا والبنتاجون حتما وحكما بحول الله ، ومع هذا  يصرون على إننا إرهابيون وفاشيون وقتله .
ولأن تأنيب الضمير نحسبه يحاصر البيت الأبيض الأميركي من كل الجهات ومن تحت الأرض وكمطر السؤ من السماء ، لذلك ولكل ذلك تنازلت أميركا من كبريائها الغاشم وإستقبلت وزير الخارجية الإرهابي السوداني العتيد ، كيري لم يقطع يده بعد أن صافح وزيرنا وهذا يقين راسخ من إنه ليس كذلك
وبما إن الحادثة كانت سانحة سطرها القدر في وقت ملائم لتتيح للخرطوم وللمرة الأولى فرصة توجيه الصفعات لأميركا ومن داخلها ووجها قبالة وجه ، عمد الوزير السوداني لزيارة عائلة اليافع النابغة في منزله وتقديم هدايا رمزية له بإسم الرئاسة السودانية وبإسم الشعب السوداني ، الهدايا حتما ليست بمستوى ما قدمته مايكروسوفت وجوجل وغيرها من الشركات الأميركية المرموقة ، هديتنا للشبل أحمد كانت تحمل رسالة ضمنية بالغة الفصحافة والوضوح وموجهة لصقور الكونغرس والبيت الأبيض ومفادها ذات معنى الرسالة التي وجها قبلا مصطفى سعيد داهية الطيب صالح في موسم الهجرة للشمال عندما وقف يوم محاكمته في الأولد بيلي مخاطبا المحلفين : نعم ياسادتي فقد جئتكم غازيا ، فأنا قطرة من السم الذي حقنتم به شرايين التاريخ ..
فهاهو السودان يعود لأميركا غازيا عبر النابغة أحمد ، ويتم تكريمه سودانيا داخل أميركا الشامخة في ضراعة ، وفي لحظات التكريم وتقديم الهدايا نحسب بأن أميركا العظمى من أقصاها إلى إدناها كانت في حيرة من أمرها إذ هي لا تدري ماذا تفعل على وجه الدقة ، هل توجه إتهاما لوزير الخارجية السوداني الزائر بغرس روح الكراهية في سويداء روح النابغة أحمد ، أم تعتبر واقعة التكريم وعلى مضض إضافة لتكريم أميركا نفسها له ، وإن هي فضلت الخيار الأخير ، فلا يستقيم أن يلتقي الصالح والطالح في هدف واحد وغاية واحدة اللهم إلا إّذا كان هذا الطالح ليس كذلك في الواقع ، وإن لم يكن كذلك لماذا توصمه أميركا بما ليس فيه ؟..
وما بعد كل ذلك نقدر تماما بأن عذابات تأنيب الضمير ستواصل الوخز والطعن في أفئدة كل أفراد الشعب الأميركي ، ولن يتوقف نزيف الضمير حتى تعيد أميركا حساباتها الخاطئة والظالمة والجائرة كما أعادتها بحق نابغتنا أحمد عندما دعاه أوباما للبيت الأبيض وعندما تسابقت شركات أميركا مرغمة لتقديم هداياها له ، أميركا رغم كل شئ فيها ما يستحق الإحترام ، وهي إنها تبادر بالإعتزار عندما تتيقن تماما من إنها قد أخطأت ، وهذا قد لا نفعله نحن العرب ، نحن مولعون بالتبرير فقط ، على ذلك وفيما بعد ذلك فإنها ستعتذر دون ريب للشعب السوداني عما قريب عبر رفع عقوباتها المسعورة المفروضة عليه ظلما ، تماما كما إعتذرت للأميركي السوداني الأصل أحمد محمد ..


ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
هاتف وواتساب : 00249121338306