الأحد، 11 فبراير 2018

ماذا تعني حقيبقة الورق لحمود الطوقي



عندما يقدم صديق العمر وزميل الكفاح المرير والمر في دورب صاحب الجلالة الصحافة أعني العزيز حتى النخاع / حمود بن علي الطوقي ، عندما يقدم للمكتبة العربية كتابه (حقيبة ورق) في معرض مسقط للكتاب 2018 قريبا ، المضمنة لمقالاته التي أودعها هذه الحقيبة لسنوات طوال مضت ، فإنه في الواقع يقدم رحيق خبرته الطويلة في دورب الصحافة ، فمن لايعرف حمود ليسمح لي أن أذكر عنه القليل البعيد والغائر في سويداء
القلب ، وفي النقطة البعيدة الغائرة بالدماغ والمسماة كنز الذكريات التي لاتموت .
الطوقي ياسادتي صغير في السن لايزال ، وكبير في السن في آن واحد ، هو وأكاد أجزم بإنه قد بدأ أولى خطواته في دروب الصحافة وهو لايزال طفلا ، نعم أذكره وهو طفل ، ولكنه لم يكن ككل الأطفال ، حمود الصحفي وهو في المرحلة الإعدادية لايزال ، كأن يأتي لمقر جريدة الوطن بالوطية في العاصمة مسقط عام 1984 بمعية أستاذه الأردني ياسر سلامة ، كانا يحرران صحيفة (أبناء الوطن) ، وكنت أنا هناك حيث بدأت مشواري مع الوطن وفي مراحل تأسيسها الأولى ، بدأت بإنشاء قسم المعلومات الصحفية ، ولم يكن في الوطن في ذلك الوقت أقسام تذكر ، ثم كنت مصححا لغويا فيها ، ثم أنشأت قسم الإدارة بها ، وفي ذات الوقت كنت أكتب في الزاوية الشهيرة (كل صباح) ، وأحرر صفحة (حوادث وقضايا) التي أثارت جدلا وصخبا في الشارع العُماني ، وفي ذات الوقت كنت أعمل بوزارة التراث القومي والثقافة ، وتلك قصة نضال قد يطول الوقت لشرحها ، كان عرق من نوع خاص ، وضنى من نوع فريد قدمناه للوطن العُمانية وهي لاتزال تحبو كطفل .
حمود هذا المولع بالصحافة كان لديه إصرار غريب وعجيب إثار إنتباهي وقتها ، كان يرغب في أن يغدو صحفيا بأي طريقة كانت ، ولأنه يملك تلك الصميمية فلا بد من أن ينال مبتغاه ، عاد ياسر سلامه للأردن وأضحى الطفل حمود بن علي الطوقي ، هو محرر صفحة (أبناء الوطن) ، إنتقل الطوقي للمرحلة الثانوية كصحفي عتيد وصاحب خبرات ميدانية في التحرير والصياغة والكتابة وإجراء الحوارات وإدارة النقاشات ، لذلك فعندما أقول إنه صحفي قديم ، وفي ذات الوقت صغير في السن فإنني أعني ما أقول ، كل الذين يمارسون مهنتنا هذه فإنهم يفعلون ذلك بعد تخرجهم في الجامعات ، أما الطوقي فإنه مارسها ميدانيا وعمليا وهو طفل ، ذلك إن دل فإنما يدل على إنه (عبقري) ، بل كان طفلا إستثنائيا ، لذلك ظل الطوقي في ذاكرتي .
وبما إن حمود كان كذلك ، وبعد أن أكمل الثانوية العامة وهو صحفي بالوطن العُمانية ، أرسلناه للمغرب ليكمل دراسته الجامعية وقتها لم تكن في سلطنة عُمان جامعات ، وكل الطلبة في ذلك الوقت كانوا يكملون دراساتهم الجامعية خارج السلطنة ، وكنت المسئول الإداري بالوطن العُمانية عنه طيلة سنوات دراسته بالمغرب ، لذلك فقد توطدت علاقتي بشقيقه العزيز محمد الحارثي ، إذ كان يزورني بمكتبي بمقر الوطن بالوطية بنحو دوري في شأن أخيه النابغة حمود .
وعاد حمود للسلطنة وهو يتأبط شهادته الجامعية وكان أستقبالنا له حفيا ، فهو مشروعنا الناجح الذي أينع ، والآن وفي التو واللحظة فإن حمود هو صاحب مجلة الواحة العُمانية ، وحمود هو صاحب مجلة مرشد للأطفال ، ولكم الآن أن توقنوا لماذا أنشأ حمود مجلة للأطفال ، السر هو الذي أوضحته لكم سادتي ، فحمود كان صحفيا طفلا ، وهو بالتالي الصحفي الطفل الوحيد في تاريخ الصحافة العُمانية ، ستبقى هذه الحقيقة ساطعة للأبد وقد كتبها التاريخ العُماني في صحائفة وبمداد ماء الذهب .
إذن فإن إهتمام حمود بالطفل لم يأت من فراغ ، حمود كان مدفوعا بالصحفي الطفل الكامن في دواخله ، والذي مافتئ يصرخ وينادي ويطالبه بإن يكون بارا بأطفال عُمان وإذ هو الأب الروحي لهم ، فكان أن لبى هذا النداء العظيم ، فهنيئا لأطفال السلطنة بصديقي هذا العزيز حمود بن علي الطوقي ، وهنئيا للقراء والمثقفين بالسلطنة بهذا الصحفي الألمعي الخبير الصغير في آن معا وإذ هو يقدم لهم ولنا رحيق خبراته (حقيبة ورق) في كتاب من ذهب ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب سوداني عُماني
الخرطوم
00249121338306