الخميس، 26 يونيو 2014

الرياضة العربية ومحنة التشفير



يوم الأربعاء 2000/04/19 كتبنا في زاويتنا اليومية (شراع) بصحيفة الوطن العمانية مقالا بعنوان (الرياضة العربية ومحنة التشفير )..
وبعد 14 عشر عاما من نشر ذلك المقال ، هاهي النبؤءات التي أشرنا إليها وقتئذ تتحقق ومفادها أن كرة القدم لن يشاهدها العامة (بالمجان) كما كان الحال في العقود الخوالي .. وبمناسبة كأس العالم الجارية الأن في البرازيل نعيد نشر ذلك المقال
================================================================:
-
  الرياضة العربية ومحنة التشفير
كنا في مقال لنا قبل عدة اشهر ذكرنا بأنه وفي يوم من الأيام لن يستطيع بسطاء امتنا العربية المجيدة من مشاهدة أي بطولة رياضية هامة وأشرنا إلى أن كأس العالم نفسها والتي كنا نشاهدها منذ أن كنا أطفالا نعلب كرة القدم في الشوارع والأزقة وكانت المتعة الحقيقة التي ننتظرها كل أربعة أعوام في طريقها للتشفير، ومن بطولات كأس العالم تعلمنا وتعلمت أجيال متلاحقة معنى وأصول وأسرار كرة القدم، ومشاهدة البطولات العالمية ساهمت بدون شك في الارتقاء بالرياضة في عالمنا العربي وفي العالم الثالث بوجه عام، ولنا أن نتصور أو أن نتخيل أبعاد المأساة ويوم الحرمان قد أتى بالفعل فهل نستطيع أن نراهن على أي تقدم لنا يذكر في أي حقل من حقول الرياضة وشبابنا لا يشاهدون شيئا بل يسمعون فقط والسمع لوحده كما نعلم لا يساهم في التعلم سيما وان كان الأمر يتعلق بالرياضة، فإذا كانت شعوب كوكب الأرض تحفظ اسم بيله عن ظهر قلب فلأنها شاهدته يصول ويجول في الملاعب ومن مدرسته الكروية الفذة تعلمت أجيال من الشباب فنون اللعبة.
الآن ذلك كله أمسى من الماضي، وكرة القدم اللعبة (الشعبية) الأولى في العالم ونضع كلمة شعبية بين قوسين لتأكيد معنى إنها يجب أن تبقى متاحة للجميع، صحيح إن القلة من أبناء امتنا المجيدة سيتاح لهم مشاهدة اللعبات المشفرة ومن ضمنها اللعبة الشعبية الأولى إلا إن القلة لا تغني عن الكثرة هذا إن أردنا أن ننهض بالرياضة قوميا، فمارادونا خرج من حي فقير بالعاصمة بيونس ايرس وشاهد كرة القدم في حيه الفقير ويومها لم يكن التشفير معروفا ولو كان موجودا لما رأينا ذلك الفذ أصلا.
الآن يحتدم صراع هائل كما قرأنا في الوطن الرياضي بالأمس ومفاده إن إحدى القنوات الفضائية العربية المشفرة قامت بانتهاك بنود اتفاقها مع اتحاد إذاعات الدول العربية بشأن حقوق بث بطولة الأمم الأوربية وقامت بتوقيع عقد أحادي منعت بموجبة جماهير الأمة من مشاهدة تلك البطولة إلا للمشتركين لديها والقادرين على الدفع وحدهم، الاتفاق المنتهك بنوده مضمن في قرارات مجلسي وزراء الإعلام والشباب والرياضة العرب والجمعية العامة لاتحاد الإذاعات العربية في دورتها الاستثنائية السابعة والتي تؤكد جميعها ضرورة الالتزام بمبدأ التفاوض الجماعي عبر الاتحاد حفاظا على مصالح هيئات الإذاعة بالوطن العربي، ومن جانبه قام الاتحاد بفرض عقوبات قاسية بحق تلك الفضائية المشفرة.
من ذلك نخلص بان التجارة وبشقها الذي لا رحمة فيه دخلت بساتين الرياضة، ضاربة عرض الحائط بالأهداف والمرامي والفوائد التي من الممكن أن تجنيها الأمة وشباب الأمة إذا ما غدت الألعاب الشعبية غير متاح مشاهدتها للعامة، ونؤكد بان الوضع وإن استمر على ما هو عليه فإننا سنشهد ترديا مريعا في مستويات المخرجات العربية في كل الألعاب إذ الناشئة لا يشاهدون شيئا، وبما انهم كذلك فانهم لن يتقدموا، وعلى الفضائيات المشفرة أن تفاخر بإنجازها.
ونذكر باللوعة والحسرة معا، بان الملاكم اليمنى الأصل البريطاني الجنسية نسيم حميد حقق انتشارا واسعا على مستوى الشارع الرياضي العربي وأمسى بطلا قوميا يحتذى به، وكنا نأمل أن يظل حميد قريبا من أمته بعيدا عن شباك التشفير، ولكنهم شفروه بقسوة، ولم يعد في إمكان البسطاء وهم الغالبية مشاهدته فكيف لحواء العرب أن تنجب المزيد منه وابناءها لا يشاهدوه..إننا ندعو حكوماتنا العربية عبر الوزارات المختصة للالتفات بجدية للخطر الذي يمثله التشفير على مستقبل الرياضة العربية، انه تشرنوبل جديد بكل تأكيد..
ضرغام أبوزيد







السبت، 14 يونيو 2014

وهكذا كان حبل الكذب قصيرا ..



إتصل  به هاتفيا ، أين أنت الأن ياصديقي ؟.. جاءت الإجابة علي الفور واثقة ومفعمة بالحب والوداد ، ومضمخة بعبق الإمتنان والشكر الجزيل إذ هو إتصل به سائلا عنه وعن حاله وأحواله :
ـ أنا الآن في ولاية الجزيرة السودانية وتحديدا في عاصمتها ود مدني .
وكانت سانحة طيبة أن يسأله عن الطقس هناك وعن الزراعة وأحوالها وظروفها بإعتبار إن هذه الولاية من الولايات السودانية الرائدة في هذا المجال ، بل كانت وإلى عهد قريب تعد سلة غذاء السودان ، فلام غرو أن يحتفظ كل أهل السودان لهذه الولاية بعميق الإمتنان إذ هي أطعمت بغير من أو أذى هذا الشعب الصابر ومنذ أن كان السودان مستعمرة خاضعة للتاج البريطاني .
وفي ختام المحادثة الهاتفية تمنى له عودا حميدا للعاصمة الخرطوم ..
بعدها وبربع ساعة تقريبا جاءته مكالمة من زوجة الصديق ومن ذات رقمه المدون في هاتفه النقال ، إذ يبدو إنها ضغطت على آخر رقم تم الإتصال به بغير إنتباه ،  سالها في جزع ، ومتى حضر صديقي من ولاية الجزيرة ؟.. لقد تحدثت إليه قبل ربع ساعة وأفادني إنه هناك ..
قالت الزوجة في إندهاش وحيرة عن أي جزيرة تتحدث ؟.. ثم من أنت ؟.. ومن قال لك إنه هناك ،  زوجي بالقرب مني ولم يغادر إلى أي مكان ..
أصوات إمرأة تتألم تسربلت إليه عبر الهاتف . إذ يبدو إنها تلقت في الخصر أو تحت الحجاب الجاجز  لكمة رجالية مباغتة وقاسية  .. بعدها ..  توت ... توت ... توت .. لقد إنقطع الإتصال الهاتفي بفعل فاعل ..