الخميس، 16 يوليو 2015

التحالف العربي الإسرائيلي هل يرى النور ؟..



 هي بالتأكيد سخرية القدر ، ولطمة القدر في آن معا ،  فمن ذا الذي يصدق بإنه في يوم من الأيام يجد العرب وألد أعدائهم إسرائيل أعني إنفسهم في خندق واحد إزاء عدو واحد هو إفتراضا إيران الجديدة المسالمة والمهادنة و الـ لا إرهابية ، على الأقل هذه هي النظرة الموضوعية الأولية البادية للعيان بعد الإتفاق النووي الأخير .
مفاعلات إيران النووية
 تل أبيب وإذ هي تنعي لشعبها فاعلية اللوبي الصهيوني بواشنطن والذي لم يعد مخيفا ولا فاعلا ولا حاسما كما كان في العقود الخوالي ، وما عاد بقادر علي لي ذراع البيت الأبيض والإدارات الأميركية كما كان يفعل ، فهاهو الرئيس أوباما ويبدو إنه قد خرج عن الوصاية الصهيونية إذ هو تجرأ على إغضاب إسرائيل في أخطر الملفات التي تهدد الأمن القومي للدولة العبرية ، فإلاتفاق لم يتطرق أبدا إلى أي نقطة تكبل الأندفاع العدائي الإيراني لتل أبيب ، ولم يتطرق إلى حتمية شل قدرة إيران على دعم المنظمات الإرهابية بناء على المنطوق الإميركي كحماس وحزب الله المعاديان لإسرائيل حتى النخاع ، الإتفاق على العكس تماما ترك الباب مواربا لتتسلل منه طهران المقتدرة ماليا وتسليحيا وإستخباراتيا بعد الإتفاق لتغض مضاجع إسرائيل جهارا نهارا ، وبإعتبار إن حزب الله وحماس سيتلقيان المزيد من الزخم الإيراني وهذا بالطبع خط أحمر لن ترضى به تل أبيب وتحت أي تطمينات أميركية أو غربية .
بناء عليه فإن الإحتمال الأقرب للتصديق بإن إسرائيل لن تقف على الإطلاق مكتوفة اليدين وهي ترى خطوات تدميرها تمضي قدما للإمام ، هنا علينا أن نتبأ بالأسوأ والأفضل معا ، الأسوأ بالنسبة لأميركا وحلفاءها الغربيين الذين تناسوا حساسية ودقة (المعادلة) لهثا وراء مصالحهم فقط التي حتمت عليهم التعامل بهذا القدر من الحنو من إيران (المارقة) سابقا والحليفة الأوثق في الشرق الأوسط حاليا ، والأفضل ما هو تراه تل أبيب خطا أحمرا تم تجاوزه أميركا وغربيا .
عليه فإننا لا نستبعد على الإطلاق قيام سلاح الجو اليد الطولى لجيش الدفاع الإسرائيلي بتدمير مفاعلات إيران النووية جلها أو أهمها ، صحيح إن مهمة كهذه ليست باليسيرة وتختلف نوعيا عن تجربة سلاح الجو السابقة عندما دمر مفاعل تموز العراقي في فبراير عام 1980 ، نظرا لأن إيران تمتلك أكثر من مفاعل واحد ، وتتوزع مفاعلاتها في كل من أردكان ، قم ، بوشهر ، آراك ، جيهان وغيرها ، وقد تجد إسرائيل تعاونا إستخباراتيا عربيا من نوع ما ، وبإعتبار إن المصالح قد تلاقت وتلاحقت للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي .
سؤال هام للغاية ورد لنا من الأخ / مجذوب ـ من مدينة صلالة ـ جنوب سلطنة عُمان ، ويتمحور حول خروج إيران من مربع الإرهاب الإميركي ، وهي التي ما برحت سادرة في سياساتها التي صنفت بموجبها كـ إرهابية ، وهل ذلك يعني بالضرورة خروج السودان تلقائيا من ذلك المربع وإرهابه هو في الأساس مزعوم ومردود ولا أساس له في الواقع مقارنة بالإهاب الإيراني الفاعل والقائم والمشاهد  ، نقول بإن واشنطن ستجد نفسها في موقف شديد الحرج إزاء هذا الملف ولن تستطيع أن تجاهر أمام الرأي العام الأميركي على الأقل بأن السودان هو بالفعل كما تزعم ، إذن لا سبيل أمامها غير رفع هذا الحصار الجائر ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
dirgham@yahoo.com   

الاثنين، 13 يوليو 2015

هل الإنسان السوداني هو نفسه الإنسان الأول ؟..



جريمة رمضانية مروعة ، حدثت وقائعها مساء الجمعة الماضية الموافق 10 يوليو 2015 ، هنا في القيعة ـ قرية صالحة ـ أمدرمان ، راح ضحيتها الشاب الخلوق ، وصاحب الصيت الحسن والوقع الطيب في نفوس كل سكان الريف الجنوبي ، العزيز
المغفور له بإذن الله / عبد الرحيم قسم السيد
المغفور له بإذن الله / عبد الرحيم قسم السيد أحمد بابكر ـ الشهير بـ (زرقا) .
الجريمة المروعة التي هزت المنطقة من أقصاها إلى أدناها أحدثت دويا هائلا بالفعل إذ الحزن لا يزال يخيم على المنطقة ، واللوعة لا تزال تحاصر كل الألسنة ، فيما سحنات الحزن الدفين والغائر في شعاب القلوب لا يزال يمسك بتلابيب الأمر هنا ، وبما إن المغفور له كان دمث الخلق ، طيب المعشر ، صنديد وأخو أخوان كما يقال بالدارجة السودانية كنابة عن إنه رجل المواقف الصعبة ، وصاحب أياد بيضاء كانت أبدا ممدودة ، ولأنه كان كذلك فقد كانت جنازته بمقابر الشيخ يوسف دليلا ناطقا ، فقد جاء كل سكان قرى الريف الجنوبي ،  كان الخلق كثير ، وكانت الصلاة عليه من جمع من الناس غفير تؤكد على إنه كان حقا أخو أخوان ، له الرحمة والمغفرة .
الجريمة تفتح الباب واسعا أمام معضلة إجتماعية سودانية صرفة ، تلك الخاصة بحمل الأسلحة البضاء وأصطحابها أين ما ذهب الرجل السوداني ، تماما كما كان يفعل الإنسان الأول في العصور الخوالي وعند بدء الخليقه ، وقتها كان الأمر يتطلب أن يتمنطق الرجل بقوسة وسهامه وسيفة وخنجرة وسكاكينه أين ما ذهب وأين ما حل ، هو إن لم يفعل لإفترسته الضواري عند أول منعطف من الغابة ، وإذ الغابة هي أصلا بيته الكبير ، وعندما سار الإنسان حثيا في دروب التحضر والرقي وقامت على رفات البدائية الأولى قامت المدن ونشأت الحضارات ، وسمقت المفاهيم ، وجاء الأنبياء والرسل ، وهبطت الكتب السماوية ، وحضر جبريل عليه السلام ، وعرف القتل الخطأ والقتل العمد ، وحرمت الأديان سفك الدماء إلا  بالحق ، ثم سنت القوانين ، وقامت الدول ، وجاء الحكام ، وعُين القضاة ، وأنشئت السجون ، وأمسى الناس يحتكمون للعدالة ، وإذ هم سواسية أمام القانون تماما كما يحب ربنا ويرضى .
وإذا كان الأمر بات بالفعل كذلك فما بال حمل العصي (العكاكيز) والمدى والسكاكين والفؤس في شوارع وقرى المدن السودانية ؟!.. ما أن تصافح رجلا يرتدي جلابية سودانية وما إن تلامس يدك ذراعه حتى تحس بتورم جاف وغير عادي وهائل فتعود يدك إلى حيث كانت مرتجفة وجلة ، فالرجل يضع سكينا لا قبل لكل كائن حي بها سواء أكان بشرا أو أنعاما .
إنه لا يغادر منزله إلا وهذا السلاح الأبيض الشنيع في ذراعه ، لذلك وعندما يحدث نقاش أو حوار أو جدل ولا أقول شجار ، فأن السكين المدفع يتم إستحضارها فورا لتغدو هي الفيصل والحكم في حسم الأمر لصالح أحدهما .
لذلك فإن جرائم القتل العمد كلها وجلها تتم لا بالسلاح الناري بل بالسلاح الأبيض المسكوت عنه سودانيا ، وحتى نقطع دابر هذا السيل العارم من جرائم القتل لماذا لا يعمد المجلس الوطني الموقر وبالتعاون مع وزارة الداخلية لإضافة مادة حاسمة للقانون الجنائي السوداني يتم بموجبها تجريم كل من يحمل سلاحا ، سواء كان أبيضا أم أحمرا ، لا بد من هذا الإجراء وبسرعة قصوى حتى نوقف سيل الضحايا في جمهورية السودان المتحضرة ..


ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
dirgham@yahoo.com

الخميس، 2 يوليو 2015

كارثة يوم الأربعاء الأسود



  الأربعاء الأول من يوليو 2015 تاريخ هام في تاريخ السودان الإلكتروني ، ففي هذا اليوم تم ايقاف العمل بأورنيك 15 المالي الورقي الشهير والقديم والعتيد ، ليتم إستبدالة بعد حملة إعلامية مكثقة بأورنيك 15 الإلكتروني ، أي أن التحصيل المالي في كل أرجاء السودان سيغدو وإعتبارا من هذا التاريخ إلكترونيا محضا وبحتا في بادرة تعد الأكثر جراءة في إتجاة ترسيخ أقدام حكومة السودان الإلكترونية على كامل تراب وفضاءات السودان الوطن .
ا
كارثة بوم الأربعاء الأسود لكمة قاسية للإقتصاد السوداني
لإعلان التحذيري والذي سبق تطبيق النظام التحصيلي المالي الإلكتروني الجديد شدد على أن ثمة عقوبات رادعة تنتظر كل المخالفين والذين لا يزالون يصرون علي إستخدام النظام الورقي البائد سئ الصيت والسمعة ناحية إنه كان مدخلا لهدر وإختلاس المال العام إذ هو عرضة بل هو حقل خصب للتزوير والتزييف ومن ثم سرقة أموال الشعب .
قلنا بأن الخطوة الإلكترونية تصب فعلا في الإتجاه الصحيح ، ولكن ثمة جذوة قلق لم تفارقنا لحظة وإذ نحن نستمع للإعلان التحذيري بلغته الحاسمة والقاسية معا ، ذلك إننا وبخبرتنا الإلكترونية الكمبيوترية الطويلة في الخليج نعلم تماما بأن أي نظام حاسوبي جديد ومهما كانت قدرة تماسكة وقوته يحتاج إلى فترة تجربة ميدانية عملية ربما تمتد لأكثر من شهر وقبل الإعلان رسميا عن تثبيته بصورته النهائية والإعتداد به في المهمة الموكل له إنجازها ، تلك هي المسماة بـ  نسخ الـ  BETA فعندما تصدر مايكروسوفت مثلا نسخ جديدة من ويندوز أو أوفيس فإن النسخة الجديد تعمم بالمجان على المستخدمين ليتم تحليل العثرات والإخفاقات ومن ثم يتم إصدار النسخ النهائية بعد حوالي العام وهذا ما كنا نتابعه في مسقط من خلال عملنا كصحفي متخصص في الـ IT مع مايكروسوفتت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعبر إتحاد منتجي برامج الحاسوب والمعروف إختصارا بـ BSA  بدبي .
إذن فأن المفترض علميا وعمليا أن يستمر العمل بالأورنيك المالي الورقي القديم جنبا لجنب مع النظام الكمبيوتري الجديد ، ثم تذهب معطيات المدخلات الخاصة بالنظام الكمبيوتري لقسم المراجعة والرصد والتحليل والتمحيص والتدقيق وأعادة الصياغة وأعادة التبويب بناء للسقطات والهنات والتي يتم رصدها ، وفي ذات الوقت يمضي التحصيل القديم كالمعتاد وتدريجيا يتم سحب الأورنيك الورقي ليحل محله الإلكتروني بسلاسة وبدون ضجة وبدون إعلانات تحذيرية مخيفة كالتي سمعناها قبل يوم التنفيذ .
اليوم الخميس الثاني من يوليو وهو اليوم الثاني لتنفيذ القرار العشوائي المميت ذهبت لأحدى الدوائر الحكومية ، سمعت المسئول وهو يرفع عقيرته بالصياح لا يوجد تحصيل لدينا ، النظام الجديد لم يصل إلى مكاتبنا بعد ، ولم يطل أي كمبيوتر خاص بالنظام على مكاتبنا ، تعالوا الأسبوع القادم لعله يأتي ، وعاد الناس بأموالهم التي كانوا يرومون تسليمها لخزينة الدولة السودانية .
ذلك يعني أن الخزينة السودانية العامة لم ولن تتلق أي أموال حتى إكتمال النظام الإلكتروني الجديد ، أو أن عليها وسريعا جدا أن توقف العمل بهذا النظام الجديد المتعثر وأن تعيد الأورنيك الذي قضى نحبه أن تعيده للحياة وفورا ، غير إنني أرى بأن الأمر لا ينبغي أن يمر مرور الكرام ، ثمة أخطاء فادحة العواقب قد وقعت وحدثت ، وثمة خسائر مالية باهظة تكبدها الإقتصاد السوداني المترنح أصلا ، كل ذلك ووببساطة شديدة يوجب العقاب ويوجب الحساب معا ، فالقضية هنا ليست شخصية ولا تخضع للإهواء ، إنها قضية وطن وأقتصاد وطن ومصالح مواطنين تم تعطيلها فضلا عن أن زمن غال فعلا قد ضاع سدى على الكل ، على المواطن ، وعلى الدولة وعلى الإقتصاد ، إذ لكل ثانية ثمن ولكل دقيقة قيمة ولكل ساعة قيمة مضافة .


ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
dirgham@yahoo.com