الاثنين، 1 مارس 2021

ترقية عُمانية من (جندي) إلى مشير

 

ترقية عُمانية من (جندي) إلى مشير

 


ضرغام أبوزيد

00249121338306

dirgham@yahoo.com

 

الأخ المغفور له باذن الله الشاعر العُماني الرقم والعلم محمد الحارثي وهو «دفعة» ايضا لو تعلمون ، فعندما كنت أحرر ملحق الوطن الثقافي والفني في التسعينات كان الحارثي يصدح شعرا في كل واد وقرية بالسلطنة ، ولن انسى ابدا إنه قال ذات مرة وهو ينعيها  :

غرناطة ماذا أقول وفي فمي ماء وفي وجهي تراب

فبقى هذا البيت محفورا في الذاكرة لا أدري لماذا ، ربما لأنه ترك جراحاتنا في الأندلس مفتوحة تنزف ثم مضى للقاء ربه عليه رحمة الله  .

اليوم فقط تذكرت العزيز الحارثي الزميل والحارثي الشاعر ، ففي اللحظات التي تلامس فيها الأحداث شغاف القلوب ، وعندما تقع الحوادث الجلل نتذكر فورا الاعزاء الأجلاء الذين وضعوا لمسات لهم ناطقة في منعطفات الأزقة والطرق ، ثم مضوا إلى حال سبيلهم ، وسط هذا الخليط الفريد من الأحاسيس الوهاجة وقفت فقط لانظر واتامل ثم اجتر رحيق الذكريات .

كل هذا حدث ووقع لأن الأخ العزيز والزميل الأثير والإعلامي العُماني العلم / عبد الله الصلتي وهو هناك في العاصمة مسقط رأى ومن تلقاء ذاته ، وبكامل إرادته الحرة ، رأى أن يطوق عنقي بقلادة من الذهب العُماني الخالص ، والذهب العُماني ليس هو كالذهب الذي نعرف ، إنه أنقى وأغلى وأعلى ، وله رنين مختلف عما عهدنا ، إنه أكثر بريقا وأشد لمعانا ، وقادر على خطف أبصار العيون وإن أرمدت .

هو إذن ذهب (الوفاء) ، ومغسول بمياه الإحترام ، هو ماء لا يوجد إلا في أفلاج سلطنة عُمان ، حدث هذا رغما عن إنني بعيد مكانيا الآن عن السلطنة ولكني قريب منها بالإحساس لحد التلاصق والتلامس ، وكما تعلمون فإنه وفي عصر الوسائط فلبعد المكان (إنسحاق) وإنسلاخ من قاموس المستحيل .

لقد فاجاني عبد الله بميداليته الذهبية العُمانية عندما وضع صورتي في البروفايل الخاص به مع والدة الشيخ / أحمد محمد الصلتي شخصيا والملقب عُمانيا بـ (الفعوان) ، هكذا دفعة واحدة .

فإي وجد ذاك الذي الهم هذا العزيز على أن يمنحني ترقية من (جندي) إلى (مشير) وفي غمضة عين ، وذلك في إطار لوحة عُمانية تراثية تأخذ بالألباب ، وجدت نفسي والشيخ أحمد في هذه اللوحة الخالدة عندي وستبقى تتصدر مكتبي ومجلسي وغرف بيتي ، بحر ، وقارب  ، وامواج ، وشمس  وغروب ، وفراشات ، وسفر ، وإبحار ، كل التراث العُماني التليد أمسيت جزءا لا يتجزأ منه ، فأي مغنم هذا الذي أرسلته لي سلطنة عُمان محمولا على منقار هدد سليمان صاحب سبأ وبلقيس ، حتى إذا ما وصل للعاصمة السودانية الخرطوم حيث مكتبي ، ألقاه من عل ومضى عائدا لمسقط ليبلغ عبد الله بأن الأمانة وصلت كما ينبغي .

 غير إنني لا أعرف يقينا إن كنت أستحق هذه الترقية التي منحني إياها الصلتي الإبن لأبقى رفيقا أبديا للصلتي الأب وللصلتي الشيخ ، وللصلتي (الفعوان) ، وللصلتي الأسرة ، وللصلتي القبيلة والعشيرة ، أنا في حيرة من أمري ، بيد أن ما أعرفه يقينا بأن (الربع) في السلطنة هم وحدهم الذين يستطيعون الإجابة على سؤالي ، وعلى وضع كل النقاط على كل الحروف .