ترقية عُمانية من (جندي) إلى مشير
ضرغام أبوزيد
00249121338306
الأخ المغفور له باذن الله الشاعر العُماني الرقم
والعلم محمد الحارثي وهو «دفعة» ايضا لو تعلمون ، فعندما كنت أحرر ملحق الوطن الثقافي
والفني في التسعينات كان الحارثي يصدح شعرا في كل واد وقرية بالسلطنة ، ولن انسى ابدا
إنه قال ذات مرة
وهو ينعيها
:
غرناطة ماذا أقول وفي فمي ماء وفي وجهي
تراب
فبقى هذا البيت محفورا في الذاكرة لا أدري لماذا
، ربما لأنه ترك جراحاتنا في الأندلس مفتوحة تنزف ثم مضى للقاء ربه عليه رحمة الله .
اليوم فقط تذكرت العزيز الحارثي الزميل
والحارثي الشاعر ، ففي اللحظات التي تلامس فيها الأحداث شغاف القلوب ، وعندما تقع الحوادث
الجلل نتذكر فورا الاعزاء الأجلاء الذين وضعوا لمسات لهم ناطقة في منعطفات الأزقة
والطرق ، ثم مضوا إلى حال سبيلهم ، وسط هذا الخليط الفريد من الأحاسيس الوهاجة وقفت
فقط لانظر واتامل ثم اجتر رحيق الذكريات .
كل هذا حدث ووقع لأن الأخ العزيز والزميل الأثير
والإعلامي العُماني العلم / عبد الله الصلتي وهو هناك في العاصمة مسقط رأى ومن تلقاء
ذاته ، وبكامل إرادته الحرة ، رأى أن يطوق عنقي بقلادة من الذهب العُماني الخالص ،
والذهب العُماني ليس هو كالذهب الذي نعرف ، إنه أنقى وأغلى وأعلى ، وله رنين مختلف
عما عهدنا ، إنه أكثر بريقا وأشد لمعانا ، وقادر على خطف أبصار العيون وإن أرمدت .
هو إذن ذهب (الوفاء) ، ومغسول بمياه الإحترام ،
هو ماء لا يوجد إلا في أفلاج سلطنة عُمان ، حدث هذا رغما عن إنني بعيد مكانيا الآن
عن السلطنة ولكني قريب منها بالإحساس لحد التلاصق والتلامس ، وكما تعلمون فإنه وفي
عصر الوسائط فلبعد المكان (إنسحاق) وإنسلاخ من قاموس المستحيل .
لقد فاجاني عبد الله بميداليته الذهبية العُمانية
عندما وضع صورتي في البروفايل الخاص به مع والدة الشيخ / أحمد محمد الصلتي شخصيا والملقب
عُمانيا بـ (الفعوان) ، هكذا دفعة واحدة .
فإي وجد ذاك الذي الهم هذا العزيز على أن
يمنحني ترقية من (جندي) إلى (مشير) وفي غمضة عين ، وذلك في إطار لوحة عُمانية تراثية
تأخذ بالألباب ، وجدت نفسي والشيخ أحمد في هذه اللوحة الخالدة عندي وستبقى تتصدر
مكتبي ومجلسي وغرف بيتي ، بحر ، وقارب ، وامواج
، وشمس وغروب ، وفراشات ، وسفر ، وإبحار ،
كل التراث العُماني التليد أمسيت جزءا لا يتجزأ منه ، فأي مغنم هذا الذي أرسلته لي
سلطنة عُمان محمولا على منقار هدد سليمان صاحب سبأ وبلقيس ، حتى إذا ما وصل
للعاصمة السودانية الخرطوم حيث مكتبي ، ألقاه من عل ومضى عائدا لمسقط ليبلغ عبد
الله بأن الأمانة وصلت كما ينبغي .
غير إنني لا أعرف يقينا إن كنت أستحق هذه
الترقية التي منحني إياها الصلتي الإبن لأبقى رفيقا أبديا للصلتي الأب وللصلتي
الشيخ ، وللصلتي (الفعوان) ، وللصلتي الأسرة ، وللصلتي القبيلة والعشيرة ، أنا في
حيرة من أمري ، بيد أن ما أعرفه يقينا بأن (الربع) في السلطنة هم وحدهم الذين
يستطيعون الإجابة على سؤالي ، وعلى وضع كل النقاط على كل الحروف .