الخميس، 29 نوفمبر 2012

عندما أحسنت الخادمة الصنيع



خادمة أجنبية نعم، إلا أنها مليحة وفي الخامسة والعشرين، ممشوقة القوام سبطة البنان، فارعة الطول، منذ أن حلت بالدار قدمت على الفور كل مواهبها الفذة في الطبخ وفي التنظيف وفي مساعدة الزوجة في كل ما تطلبه منها، كانت مطيعة ويبدو بأنها والأدب صنوان لمعنى واحد، استحسنت الزوجة جميل صنيعها إذ هي أزاحت عن كاهلها الكثير من الأعباء والأنواء، كانت تعود من العمل وتجد كل شئ جميلا نظيفا مرتبا، ارتفعت أسهمها سريعا في سلم اهتمامات ربتها وكانت تحكي لزميلاتها في العمل كيف أنها وفقت أخيرا في الحصول على ما تراه كنزا، فخادمتها هي الكفيلة بكل شئون البيت!.
ما لم تلحظه الزوجة بادئ الأمر أن زوجها أمسى اكثر تحمسا منها للخادمة، كان يعقب على إطراء زوجته عليها بإطراء اكثر جزالة، كان يشيد بحلو مذاق طعامها، وفي سريرته يشيد بحسنها وبهائها وبأشياء أخرى لا تقال، وفي زخم سعادته الشخصية بها عقد العزم على زيادة رانبها ضعفين وهي التي أكملت للتو عامها الأول، مرر الفكرة في زخم هالات الاستحسان والتي تكيلها الزوجة عليها بحضوره، استحسان الزوج بجمال الخادمة تحول رويدا رويدا إلى كلمات غزل يدسها في أذنيها همسا وخلسة، ابتسمت بداية، ثم تحولت الابتسامة إلى ضحكة والضحكة إلى قهقهات ماجنة مكتومة، ما بعد ذلك امتدت حبال الود الحرام ما شاء لها.
ولما كان البساط غدا أحمديا ما بين الزوج والخادمة، فقد اتفقا على التلاقي، ولكن أين وكيف ومتى؟.. ذلك ما تم التوصل إلى كيفيته بعد همسات وهمهمات لقاءات في ردهات البيت وبحضور الشيطان شخصيا، اتفق معها على أن يعود إلى المنزل العاشرة صباحا إذ يمكنه الاستئذان من عمله لساعة واحدة وهي تكفي بالتأكيد، وكانت غرفة نوم الزوجية هي حديقة اللقاء.
الزوجة وبغريزة الأنثى انتبهت إلى أن زوجها يكاد يلتهم خادمتها بعينيه التهاما، والخادمة غدت تضيف قدرا ملاحظا من الغنج والاهتزاز إذا ما كان الزوج حاضرا، المتيم من جانبه لم يعد قادرا على تكميم حمم هواه، ارتابت في الأمر، استبعدت الفكرة مرارا، على أن الأمر بدا اكثر سوءا، سألت جارتها إن كانت ترى شيئا مريبا في نهارات غيابها، قالت رأيت يوما سيارة زوجك العاشرة صباحا تقريبا، خلت بأنه ربما عاد لأمر طارئ، وتكرر السؤال وتكررت ذات الإجابة.
يوما عادت للمنزل العاشرة والنصف، تسللت إلى غرفة النوم وكان الباب مواربا لا اكثر فليس في هذا الوقت أحد، رأت كل شئ كاملا، لم تحدث صوتا جمعت رماد روحها وعادت إلى العمل وفي رأسها جحيم ولظى، بنهاية الدوام عادت لتستقبلها الخادمة بالأحضان، فكرت وقدرت ثم توصلت إلى فكرة رأتها حلا مناسبا لمأساة حياتها، قالت يوما لزوجها اليوم أبلغوني بأن خادمتنا مصابة بالإيدز وان عليها أن تعود لبلادها فورا، على الفور صرخ وولول ثم أغمى عليه!!..بعدها أطلق لحيته وأضحى للمرة الأولى في حياته يداوم على الصلاة وكانت صلوات مودع ثم هو يقرأ القرآن ليل نهار تقربا لله زلفى، هزل جسمه، وجحظت عيناه، وابيض شعر رأسه، سألته ما بك قال: لا شئ على الإطلاق، ما بعد سفر الخادمة بشهور فجرت قنبلتها الأخيرة في وجهه، قالت في أسى وضياع: كنت اعلم كل شئ، وليس من سبيل للحفاظ على بيتي وزوجي غير ما فعلت، خر تحت قدميها طالبا كل الصفح وجزيل المغفرة..

ضرغام أبوزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق