الأحد، 17 يوليو 2016

أيعقل أن نعادي إسرائيل لوحدنا ؟!!



 رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قام مؤخرا بجولة إفريقية وصفتها الصحافة الإسرائيلية بالناجحة ، وأُستقبل في العواصم التي زارها بحفاوة بالغة ، وتم التوقيع في على إتفاقيات عديدة تشمل التعاون والتبادل الإقتصادي و(الأمني) وبما تعنيه هذه الكلمة من مدلولات وإيماءات ، كما إنه قد نال وعدا غير مردود من العواصم الإفريقية بنيل صفة المراقب في الإتحاد الإفريقي في بادرة غير مسبوقة بالتأكيد وهي دليل على مستوى الرضى الإفريقي الذي ناله .
وبالطبع فإن التمدد الإسرائيلي في إفريقيا وبهذا النحو يعد مكسبا هاما ورصيدا ونجاحا سياسيا لا يمكن إنكاره ، وفي ذات الوقت فإن ذلك يعني تراجعا للنفوذ العربي في القارة السمراء وفي ظل نضوب ما بأيدي العرب من مال وفكر وعتاد وسلاح وعلم وتحضر وحضارة .
إذن فإن الوجود والتغلل الإسرائيلي في إفريقيا بات أمرالا يمكن إنكاره ولا يمكن تجاهله ، تلك حقيقة مثلى يتعين علينا التعامل معها بواقعية وبإدراك كامل .
نحن هنا وفي السودان ربما نعد الدولة الإفريقية الوحيدة التي لا تزال ترفع راية العداء سافرة لإسرائيل ونرفض أي نوع من أنواع التعامل معها وهي سياسة ستقودنا حتما للإصطدام شئنا أم أبينا مع أصدقائنا وأشقائنا الأفارفة الذين يخالفوننا الرأي تماما في هذا الملف ، هذا الخلاف قد إنتقل تلقائيا لأديس أبابا ولمقر الإتحاد الإفريقي بعد أن بات واضحا مع الشقيقة أثيوبيا في هذا الشأن ، على ذلك وإذا ما أستمرت السياسية الخارجية السودانية على ذات المنوال العقيم وعلى المدى القصير لا البعيد فربما تجد إفريقيا نفسها مرغمة على الإختيار ما بين السودان وإسرائيل وهو إختيار ليس في مصلحتنا حتما ، إذ وبلغة المصالح فإن لدى تل أبيب ما تقدمه لإفريقيا بينما ليس لدينا نحن ما نقدمه غير الشعارات المنددة بإسرائيل وبالصهيونية العالمية وهي شعارات ما عادت تسمن ولا تغني من جوع .
لينبثق السؤال مدويا لماذا تصر الخرطوم على إنتهاج هذا الخط من العداء السافر مع الدولة العبرية ؟.. فهذا النوع من العداء بات من أحاجي الماضي ، فعندما كنا صغارا وعندما كنا نتشاجر مع صديق لنا كنا نستخدم كلمة (محاربك) وهي تعني أن لا تكلمني ولا أكلمك ، ولا تحييني ولا أحييك ، ولا تنظر إليَ ولا أنظر إليك ، ولا تزورني ولا أزورك ، أي أن تلغيني من قاموسك وأن ألغيك من أبجديتي ، وهكذا إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ، وعندما كبرنا وأتسعت مداركنا أيقنا وأستوعبنا أن ما كنا نفعله كان سذاجة طفولية أملتها قصور عقولنا إذ نحن أطفال ، وعندما نجتر الذكريات ونحن كبار مع أصدقاء الطفولة الأن لا نملك غير أن نضحك حتى الثمالة مما كنا نفعله بإصرار وإيمان .
كان الأجدر بنا أن إذ نحن قد إختلفنا أن نتناقش ، أن نتحاور ، أن يعبر كل منا للآخر عن النقطة التي يراها كل طرف خطأ لدى الجانب الآخر ، لو نحن فعلنا ذلك لما أمتد الخلاف لتلك الفترة الزمنية الطويلة ولما فقدت إنسانيتنا سمة من سماتها وهي (التسامح) .
السودان الوطن لا يزال يتعامل بمبدأ (محاربك) في علاقاته الخارجية مع إسرائيل الدولة التي لا نستطيع إنكارها وإن كنا نختلف معها في الكثير الكثير من التوجهات والسياسات ، فنحن لا نتحدث إليها ، ولا يتعين عليها الحديث معنا ، ولا نسلم عليها ، ولا يتعين عليها السلام علينا ، وظللنا نمارس هذا النهج الطفولي في التعامل ونطالب في ذات الوقت عموم إفريقيا أن تنتهج النهج نفسه .
إفريقيا أبلغتنا عمليا بأنها ليست (طفلة) لتفعل ذلك ، ثم أدارت لنا ظهرها وأقامت علاقاتها مع إسرائيل وبما تمليه مصالحها الإقتصادية والأمنية فوجدنا أنفسنا في خلاف أزلي مع إسرائيل وفي خلاف أشد خطورة مع أمنا إفريقيا ، فأين المفر ياترى فالبحر من خلفنا والعدو أمامنا فماذا عسانا نفعل في هكذا وضع حرج .
تركيا الدولة الإسلامية القوية الشامخة ، لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، ومع هذا لها خلافات عميقة معها ، وبما إنها كبيرة وعظيمة وشامخة وليست طفلة فإنها تجتمع مع الإسرائليين وجها لوجه وتبلغهم إعتراضها على سياساتها القمعية تجاه الفلسطينيين ثم هي الوحيدة إسلاميا وعربيا والتي أستطاعت فك الحصار المضروب على قطاع غزة عبر إرسالها لسفن الإغاثة للمحاصرين هناك ، وهي الوحيدة التي تفقدت المسلمين في بورما ، ذلك إنها ترى بأن إقامة علاقات دبلومسية مع إسرائيل أو غيرها لا يعني بيعها للثوابت التي تؤمن بها ، غير إننا في السودان نختلف تماما فنحن (محاربين) إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية معها يعني إننا قد خنا القضية وهذا مفهوم موغل في الخطأ بكل المقاييس الحضارية الحديثة .
اليوم وفي التو وفي اللحظة فنحن على خلاف مع إفريقيا وفي ذات الوقت (محاربين) إسرائيل وإسرائيل أمست أقرب لإفريقيا منا نحن أخوانهم وأشقائهم وأحبائهم في القارة وفي النضال ، لم نستطع إقناع الجارة أثيوبيا بأن (تحارب) إسرائيل معنا على طريقتنا رغم وقوفنا معها في قضايا حيوية تعلمها ونعلمها ، إذن فلنراجع أنفسنا وسياساتنا الخارجية حتى لا نجد أنفسنا لوحدنا بعد إنفضاض السامر الإفريقي من حولنا .

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب سوداني عُماني


الثلاثاء، 12 يوليو 2016

فضيحة الجنائية الدولية الكبري



إذا كانت أكذوبة اسلحة الدمار الشامل العراقية الصدامية كانت القشة التي قصمت ظهر أضخم بعير للعرب في العصر الحديث بعد أن حيكت المؤامرة بدقة وإحترافية إجرامية متناهية الدقة في كل من واشنطن وباريس ولندن وتل أبيب ، وحتى إذا ما دخلت جحافل الغزاة الطغاة أرض الرافدين لم يجدوا شيئا وهم يعلمون إنها ليست هناك ، لم يكن المهم أبدا ومن ناحية أخلاقية بحتة الإقرار بضخامة الكذبة بل كان المهم هو إحراق العراق رمح العرب الأشد فتكا ، بعد أن تحطمت قبلا كل نصال الأمة وبقي رمح العراق وحيدا .
نفس السيناربو الشنيع أرادوا إعادة إجتراره في السودان المخيف كما تراه تل أبيب وأروقة الصهيونية العالمية فكان لابد من تحطيمه وبذات الطريقة التي أثبتت إنها ناجعة عبر الأنموذج العراقي ، وهذه المرة من خلال ما يسمى بالجنائية الدولية ، فأوكلوا لرئيسة الجنائية الدولية الفاسدة مهنيا وأخلاقيا القاضية Judge Silivia بالعمل بكل جهد ومثابرة من أجل الإيقاع بالسودان بعد جندلة رئيسة عمر البشير ومن ثم إرغام كل قادة إفريقيا على الإنبطاح أرضا وتلقى ما يتعين عليهم تجرعه .
 عندما تقليت المعلومة الصادمة عبر الواتساب لم اشأ أن أكتب متعجلا فكل مايرد إلينا عبر وسائط التواصل الإجتماعي ليس بالضرورة أن يكون صحيحا ، إلى أن تأكد لنا صحة الخبر المفجع ، فالجنائية الدولية والتي تخصصت في السنوات الأخيرة في السودان وعبر رئيسه عمر البشير إتضح إنها محكمة فاسدة ، الخبر المفجع فجرته صحيفة لندن بوست البريطانية المسائية وهذا نصه :

رئيسة المحكمة الجنائية الدولية تلقت رشاوى بملايين الدولارات في حسابها البنكي لشراء شهود يشهدون ?دانة رئيس السودان بأدلة مزورة ، طوال الفترة ما بين 2004 و 2015.
ويشير التقرير أن بعض المبالغ تم تحويلها لمجموعات إرهابية في السودان تتضمن حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد النور وجماعات مسلحة أخرى.
 ومعلومات وتحريات تكشف تورط أوكامبو كذلك في أعمال غير شرعية لتلفيق أدلة للرئيس السوداني ، وتطويع الرؤساء الأفارقة عبر استهداف الرئيس السوداني ومطالبات باستقالة القاضية ،,المزيد في التقرير في الصحيفة الانجليزية عبر الرابط :

http://www.thelondoneveningpost.com/icc-president-in-corruption-scandal-over-bashir/                            

الفضيحة القضائية الدولية يمكننا وصفها بأنها تفوق في حجهما ووزنها فضيحة ووترغيت التي أودت بالرئيس الأميركي السابع والثلاثون ريتشارد نيكسون عام 1974 ، وترغيت وجدت حينها أصداء عالمية عارمة وتم تناولها على نطاق العالم بالتحليل والتمحيص والتدقيق بإعتبارها الأفدح في التاريخ السياسي الأميركي الديمقراطي الحديث ، بيد إن فضحية الجنائية الدولية في طريقها لأن تمر مرور الكرام في تأكيد فاضح على أن النزاهة الأخلاقية ما عاد لها مكان أو وجود في عالم لا يستحق أن يُعاش أصلا ، لم نسمع تعقيبا أو إعرابا بالقلق كأضعف الإيمان من واشنطن أو أي عاصمة غربية ، وهم الذين تبنوا الأوهام الأوكامبية وفرضوا الحصار والخناق على الخرطوم البريئة براءة الذئب من دم يوسف .
 لن ننسى أبدا هنا في السودان الضجة العارمة التي عمت العالم من أقصاه إلى أدناه يوم أصدر مدعى العام للجنائية الدولية السابق الأرجنتيني الفاسد لويس مورينو أوكامبو قراره المشئوم عليه لا علينا يوم 14 يوليو 2008 ، بتوقيف الرئيس عمر البشير ، وما تلى ذلك مطالبته لمجلس الأمن الدولي بالتحرك بجدية لتوقيف البشير .
الأن وبقدرة الله عز وجل الذي أمر بالعدل والإحسان ، فقد إنقلب السحر على الساحر ، إذ يتعين على الخارجية السودانية تسخير كل إمكاناتها وكل علاقات السودان بالدول الأعضاء بمجلس الأمن وبالجمعية العامة وكل المنظمات الدولية وشبه الدولية وكل محبي العدل وإنصار العدالة في إفريقيا وعموم العالم الثالث التوحد والتماسك والسعي لتشديد الخناق على رئيسة ما يمسى بـ الـ ICC  وعلى المدعى العام السابق وصولا لأصدار قرار أممي بتوقيفهما على خلفية جرائمها بحق الشعب السوداني الباسل .
لقد دفع هذا الشعب بالفعل ثمنا باهظا نتيجة الظلم الذي وقع عليه عبر إتهام رئيسة زورا وبهتانا وفسادا ، وما تمخض عنه ذلك من عقوبات إقتصادية مؤلمة إثرت على المواطن السوداني العادي في مأكله ومشربه وعلاجه وتعليمه ورفاهيته ، وعلى أثر ذلك تكبد الشعب السوداني خسائر بمليارات الدولارات يجب أن تسترد من الفاسدون المفسدون بالجنائية ، كما آثرت سلبا على الإقتصاد السوداني من ناحية عامة إذ ليست الحكومة هي من دفع تبعات العقوبات بل المواطن الذي أخذ غيلا وغدرا وكذبا .

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب سوداني عُماني
مشرف جروب قدامى المحاربين الإعلاميين
 dirgham@yahoo.com