السبت، 1 ديسمبر 2012

إنتكاسة علم وسقوط متعلم


ماذا يعنى أن يكمل دراسته الجامعية، ثم ينخرط في ميدان الحياة الواسع، ذلك يعني أن المجتمع قد أكتسب رافدا جديدا قادرا على العطاء بغير حدود، وان الراقد الجديد من الممكن أن يعول عليه باعتباره مثقفا ومتعلما فهو سهم في كنانة مجتمعه يطلقه إلى معاقل الجهل فيمحقه.
كان هو بالفعل كذلك فقد احتفل الأهل بتخرجه في الجامعة وبنيل شهادة الأغلى، على أن الصدام المؤسف ما بين العلم والخرافة قد وقع وقد كان هناك ينظر ويرى، ذلك أن ما كان منتظرا منه هو أن ينبري  بلسانه وببلاغته وبفصاحته داحضا كل المعتقدات المعتقة والبالية والتي قيلت مستشهدا بآيات من الكتاب مرددا أحاديث رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه فهو وبحكم علمه وبحكم ثقافته يحفظها ويعرفها ويستشهد بها، فعندما رغب في إكمال نصف دينه هرع الأهل بحثا عنها، إلى أن وجودها قالوا له بأنها مناسبة وأنها ذات دين وأنها ذات أدب وأنها ذات خلق، له ثم قالوا أيضا بان لاهلها شرطا واحدا يتعين عليه الوفاء به وهو أن لا يراها مطلقا وان لا تراه أبدا، ذلك كله سيحدث يوم الزفاف فقط، ثم قالوا أيضا بان التقاليد والأعراف المرعية لديهم توجب ذلك وانه لا مهرب من احترامها.
وفي بادرة غير مسبوقة وافق على الشرط الرهيب، لم يشرع أسلحة فصاحته، لم يندد بالشرط الغريب باعتباره منافيا لما جاء في كتاب الله وفي سنته صلى الله عليه وسلم، قال كما قالوا بان التقاليد يجب فعلا أن تحترم، على انه لم يوضح أيضا بان شرع الله هو الأحق بالاحترام وان سنة نبيه هو الأحق بالرعاية، وان التقاليد والأعراف وان اصطدمت بهذا الجدار المقدس فعلينا أن نقتلعها ومن جذورها فهي ليست إلا خرافات سادت فاعتقد الناس بها ثم هي ليس من الدين في شئ.
ثم بدأ في تأسيس بيت الزوجية، أضحت زياراته للأسواق أمرا مألوفا، يشترى في رضا، ويختار في عناية لاسس وأعمدة بيت الزوجية المفترض ما هو أفضل وما هو أحسن وما هو بهي ورائع، في قرارة نفسه كان يؤمن بان ثمة شئ ما خطأ، ثم يعود ليرفض في تعامي وخزات الضمير وصياح العلم الذي وئد، وحتى إذا ما حاول عقله وفي جوف الليالي الداجية أن يرسم ملامح الزوجة المختارة يسارع أيضا إلى تمزيق الملامح الأولية والى إحراق اللوحة الموقعة في خيالة بالأحرف الأولى، على أن الظنون لا تلبث أن تكبر وتفرهد، ومردها إلى حقيقة انه وربما يجدها بغير ما يسر وبغير ما يرغب، ذلك بات عذابه اليومي، ثم انه ووقتها وان وجدها كذلك فانه لا يستطيع التراجع وقد يذهب ماله أدراج الرياح،ثم هو لا يستطيع أن يطلقها في يوم زفافها فقد وافق سلفا على الشرط.
إذن ما حدث لا يمكن وصفه إلا بأنه رده غير مبررة للقرون الوسطى، فإذا كان قد أذعن لما اعتبر تقاليدا مقدسة، فماذا عسانا نقول عن أحكام الدين وسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كان قد اسلم قياد نفسه للتقاليد المزعومة ولم يعمد ولو همسا لتغييرها وهو الجامعي والمثقف فمن عساه يجرؤ على الوقوف في وجه هكذا معتقدات؟!..
ضرغام أبوزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق