السبت، 1 ديسمبر 2012

يوم كُرم المهندس لحسن بلاءه



هو توجه حضاري بكل تأكيد ذلك عندما اتجهت الشركة الكبيرة اتجاها كاملا وكليا نحو الحاسوب ليعهد إليه بكامل العمل الدقيق والذي يتعين عليها إنجازه، سيما وان الشركة تقدم خدمات هامة للجمهور وبالتالي يتعين عليها تسليم المطالبات المالية لكل المتعاملين معها وفي وقت معلوم، على ذلك فان القسم المختص بذلك ينهمك في العمل ووفق الطاقة القصوى فالمطالبات المالية يتعين طباعتها وبالدقة المطلوبة وفي وقت محدد، مشهد مألوف في ذلك القسم أن نشاهد طابعة عملاقة مرتبطة بالحاسوب تعمل طيلة ساعات الدوام وبدون توقف من اجل إنجاز العمل، ولنا أن نتصور أن الطابعة الرئيسية هي والحاسوب المرتبطة به قد توقفتا بغتة عن العمل وبدون سابق إنذار ذلك يعنى أن تأخيرا فادح العواقب سيصيب كبد الشركة، ذلك إذن ما حدث..
ساد الهرج والمرج وسط العاملين فالحاسوب المعني لم يتوقف على الإطلاق وبذلك النحو الكلي من قبل فقد تحول بغتة إلي كتلة من الحديد الأصم، والأدهى  أن الطابعة الرئيسية قد أصابتها العدوى المفاجئة التي أصابت الحاسوب فلم تحرك ساكنا هي الأخرى، العاملون في القسم بذلوا أقصى جهدهم من اجل إعادتهما للحياة  والى العمل فليس ثمة وقت ليهدر سدى، قاموا بالضغط على مفتاح الإغلاق والتشغيل في الحاسوب والطابعة معا عدة مرات لعلهما يستجيبان، لم تفلح كل تلك المحاولات فقد ماتا موتا أكيدا..
تم إخطار المدير بالواقعة وكان وقتها في اجتماع هام مع بعض عملاء شركته بشأن عقد هام ستوقعه الشركة بعد أن أسندت مناقصة هامة إليها، هرع المدير إلى حيث الحاسوب والطابعة يرقدان جثتان هامدتان، كان الموظفون لا يزالون يتحلقون حولهما والأسئلة الحيرى تتقافز عبر الرؤوس والأكتاف عن هذه الحالة الشاذة والغربية، البعض أفتى برأيه في الواقعة حيث أعرب عن اعتقاده بان فيروسا ساما وقاتلا ربما تسلل إلى القرص الصلب في غفلة من العاملين فقتل الحاسوب أولا ثم سرت الفيروسات عبر الكيبل إلى الطابعة رغم انه لم يثبت بعد بان الفيروسات من الممكن أن تتعامل مع الطابعات لكنه افتراض مجنون برز وسط اللغط الدائر، البعض الآخر أفتى بأنه والله اعلم قد يكون بعض العاملين بالدائرة قد عبثوا بالجهاز وغرسوا في قرصه الصلب أوامر بشعة  فلم يملك غير الانهيار، ورغم أن هذه الفرضية لا تستطيع الصمود أمام المنطق إذ انه وإذا آمنا جدلا بان بعضهم عبث بالحاسوب وغرس فيه تلك الأوامر فتوقف فلماذا توقفت الطابعة أيضا؟.. كثرت الافتراضات وعلا وطيس النقاش.
سأل المدير عن مهندس الشركة المختص ولماذا لم يحضر لمعاينة الحالة قالوا بأنه في مهمة خاصة في أحد مكاتب الشركة الإقليمية، صدرت الأوامر بالبحث عنه وإحضاره فورا، انطلقت السيارات بالعشرات تمخر عباب الطرق والشوارع، إلى أن عثروا عليه وأعادوه مكبلا بحبال الحيرة، وفي الطريق اخبروه بما حدث فوضع بعض الاحتمالات في ذهنه، ما أن دلف إلى الغرفة حيث الهرج والمرج لا يزال سائدا، طلب من الجميع الخروج من المكتب ففعلوا فاليوم يومه رمق مقبس التيار الكهربائي فوجده قد تحرك قليلا عن موضعه ضغط عليه بقدمه وعبر حذاءه فعاد الحاسوب والطابعة للعمل، طلب منهم الدخول فدخلوا، وجدوا كل شئ على ما يرام.. بعدها أقيم حفل كبير كرم فيه المهندس ونال ترقية أيضا لقاء حسن صنيعه..
ضرغام أبوزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق