الخميس، 20 ديسمبر 2012

عاهرة على مفترق طرق ..


كانت جميلة ، بل هي فاتنة ، غير إنها كانت عاهرة معروفة بالإسم وبالشكل وبالسحنات في الحي كله بل في المنطقة بأسرها ، على مدار اليوم والساعة كانت تترجل من سيارة لتركب أخرى ، أولئك كانوا زبائنها ، رجال الشرطة في المنطقة يعرفونها تماما إذ هي البغي الأشهر في سجلات اليومية ، كانت ضيفا مألوفا على مركز الشرطة ، ولطالما تم القبض عليها بعد ضبطها في أوضاع خادشة للحياء العام .
ذات يوم جاء رجل وطرق باب بيتهم ، طلب مقابلة والدها شخصيا ، الأب إندهش لجرءة هذا الزبون اللئيم ، ثم مارس أقصى درجات ضبط النفس عندما طلب منه الدخول بإعتباره ضيفا جاء إليه شخصيا ..
عبر لهجة غاضبة سأله :
ـ إنشاء الله خير ماذا هناك ؟..
ـ والله يا عمي جئت طالبا يد إبنتك ..
دوار مباغت أصاب الأب ، ثم إستجمع شتات نفسه ليسأله أي بنت ؟..
ـ إبنتك س س
ـ ضحك الأب ملء شدقيه ، ثم قال :
ـ والله يا ولدي بنتي دي ....
ـ عارف وجئت طالبا يدها على كتاب الله وسنة رسوله
ـ متأكد ؟ ..
ـ نعم
ـ على بركة الله قال الأب ..

أصدقاء الرجل حاولوا بشتى السبل صرفه عن هذا المشروع المجنون غير إنه أصر عليها ، وعندما إستيأسوا نصحوه بأن يقيم الزواج خارج الحي بل خارج الولاية فهم لا يرغبون في أن يروا نظرات السخرية والإستهزاء على وجوه القوم ..
أصر على أن يقيم الزواج في بيتها وفي حيها ووسط جيرانها الذين يعرفونها كعاهرة لا يشق لها غبار ..
بالفعل أقيمت الأفراح ، ونصبت الخيام ، وجاء الناس زرافات ووحدانا ، الشامتون ، والمستهزئون والمندهشون ، كانت الإحتفالات تنضح بكل هؤلاء الأطياف من البشر ، غير إنه لم يكن يبالي ، ثم جاءت عروسه كأنها قمر في كبد السماء لتجلس بالقرب منه ، وأخذت الصور التذكارية للعرس الأشهر والأعجب في ذلك الحي الذي شهد نزول إحدى المعجزات مبصرة وكاملة التكوين ..
وحدها هياما ، ثم وحدته حبا وعشقا ، ثم إنجبت له البنين والبنات بعد أن وئدت الماضي في بئر عميقة الأغوار  ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق