الأربعاء، 25 مارس 2015

حزب البعث العربي الإشتراكي ومأساة تدمير العراق وسوريا


حزب البعث العربي الإشتراكي لمؤسسة السوري ميشيل عفلق (1910 ـ 1989) حكم سوريا ، ثم حكم العراق ، ومن تصانيف القدر أن يتم تدمير القطرين وهما تحت حكم البعث ، فهل حدثت هذه المأساة القومية الفادحة والتي تساوى نكبة البرامكة هل
ميشيل عفلق
حدثت من قبيل الصدفة ، أم أن حزب البعث كعقيدة سياسية وأيدلوجية قد ساهم بشكل حاسم في إقتلاع هذا الرصيد العربي الهائل من معادلة المواجهة مع العدو المشترك ؟..
وبإعتبار إن العقيدة البعثية بأهدافها ومراميها كانت سامة وقاتلة لكل معتنق لها حزبا كان أم فردا ، دولة كانت أو جماعة ، وإنها بالتالي هي المسئولة عن أضخم مأساة قومية عربية في العصر الحديث ، هذا إذا ما إعتبرنا إن تدمير بغداد علي يد هولاكو التتري كانت الأفدح في العصور الخوالي .
الصديق والزميل العزيز والكاتب العُماني / زاهر بن حارث المحروقي وفي مقاله الرائع بجريدة الرؤية العُمانية بعنوان ( 4 سنوات شداد علي سوريا) قدم تحليلا واقعيا عن الاسباب التي يراها الأحق بالإحترام والتي أفضت إلى تدمير القطر السوري وفي إطار حربه الداخلية الضروس والمندلعة منذ أربعة أعوام وبغير أن تلوح في الأفق بوادر نصر حاسم لأحد الفرقاء وفي ظل نجاج الفوضى السورية اللا خلاقة في إجتذاب إيران الشيعية أو الصفوية إلى حلبة الصراع فكان أن منعت سقوط بشار الأسد ، تماما كما أبقت حزب الله خارج بيت الطاعة اللباني .
مسرح وزارة الإعلام ببغداد ـ صدام كان حاضرا يوم تخرجنا فمن يعترض ؟..
ميشيل عفلق العلماني السوري وعندما أعلن قيام حزيه الشهير في 7 إبريل 1947  كانت له رؤاه إزاء الكيفية التي تساس بها الأمور عند وصول الحزب لسدة الحكم في أي قطر عربي وبإعتبار إن الحزب أساسا ليس قطريا بل قوميا وعلمانيا كامل النصاب وبالتالي يحق له أن يسوس الأمور في كل أقطار العرب ، وواقعيا تمدد الحزب في أقطار عربية عديدة ومنها السودان بطبيعة الحال ، حدث هذا إنطلاقا من بغداد وليس من دمشق مستفيدا من إحتضان صدام حسين له ومن ثم تسخير أموال النفط العراقي في دعم (القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي) ، والمسئولة عن تمدد الحزب قوميا والتي إستطاعت إختراق العديد من  حصون عواصم العرب ، علما بإن هناك قيادة قطرية أيضا للحزب ، وفي عصر الرخاء الإقتصادي العراقي فيما قبل إندلاع الحرب العراقية الإيرانية وحتى عام 1984 تقريبا كان حزب البعث المنطلق زخمة من بغداد الصدامية هو الأشرس والأقدار على المواجهة مع كل الأنظمة العربية ، لم تكن العلاقات الدبلوماسية على الإطلاق حميمة ما بين بغداد وكل عواصم الخليج العربي والسبب تطلع القيادة القومية للحزب لإقامة منصات لها في دول الخليج المحافظة .
ميشيل عفلق وعندما تتبعنا رؤاه السياسية في منظومة الحكم لنرى إن كانت تلك العقائد قد أسهمت بنحو أو بأخر في تدمير القطرين أم لا ، نجد إنه قد حض بجلاء على حرية الرأي والتعبير والإهتمام بحقوق الإنسان والإلتفات لطبقات المجتمع الدنيا بالرعاية.
هذا ما نادي به عفلق ، ولكن وعلى الصعيد العملي هل طبقت القيادة القطرية لحزب البعث في دمشق وبغداد ما نادى به عفلق ؟..
في الواقع لا نستطيع التأكيد أبدا بأن ذلك قد حدث ، فالمنهاج السياسي للقيادتين في القطرين كانت دكتاتورية صرفة ، وفاشية بحتة ، ونازية قذرة ، كأن الإعلام العراقي يكاد أن يمنح صدام حسين مرتبة الألوهية ، وكانت جامعة بغداد والبعثيين فيها من الطلبة هم أصحاب نفوذ وسطوة بل كانوا قادرين على إخافة الأساتذة و الدكاترة الأجلاء ، وكانت غرف التعذيب حتى للطالبات بوضع الموكاة على صدورهن في جامعة بغداد والمستنصرية وغيرهما من الجامعات معروفة للكل ، وكنا هناك نسمع ونرى غير إننا لم نكن نتحدث ، لهذا خرجنا سالمين من بغداد لنوثق لهذه الفترة الرهيبة والعصيبة من حكم البعث الصدامي للعراق .
وفي دمشق البعثية الأسدية لم يكن الأمر يختلف كثيرا ، فحافظ الأسد ، كان كصدام تماما ، لا يرحم معارضا ، ولا يهادن منتقدا ، ولا يسمح إلا بالصلاة عليه ، ثم جاء بشار الأسد على خطى أبيه بل أنكأ ، وفقد المواطن السوري قيمته كإنسان ، ثم بدأ التململ يعم ، وبدأ الناس يتكلمون في وقت لا يسمح فيه إلا بزجل متفق عليه يرتفع بالحاكم وبطانتة تمجيدا لعنان السماء ، لي صديق كاتب وصحفي سوري ضخم ، زارنا في العاصمة العمانية مسقط في التسعينيات مرات عديدة ، أسر إلي بحكاية لا زلت أضحك عندما أتذكرها ، قال لي إنه بعثي معتق ، وإنه ولكي يصعد سلم المجد فقد كتب العشرات من الكتب ، كلها في موضوع واحد ، والموضوع الواحد هو (حافظ الأسد) ، قلت له بإندهاش وما هي عناوين هذه الكتب : قال وهو يضحك ويبتسم :
حافظ الأسد ـ حكيم الأمة ، حافظ  الأسد ـ القائد الملهم ، حافظ الأسد ـ الليث الجسور ، حافظ الأسد ـ الأسد الهصور ، حافظ الأسد ـ مدمر إسرائيل ، حافظ الاسد ـ عقل لن يتكرر ، الخ ألخ ..
بعدها كنا نضحك سويا ، غير إنني وفيما تحت الحجاب الجاجز أحسست بطعنات ووخزات ، مردها إحساسي بعذابات المواطن السوري والشعب السوري إذ هو يعيش تحت لهيب السوط والعصا ، صديقي هو الآخر وفيما بعد زهد فيها وفي السلطة والبريق الزائف فهجر البلاد وعبر الحدود وترك الوطن ، فإستقر به المقام في أوروبا وهناك بدأ في تنسم عبق وعبير الحرية للمرة الأولى في حياته .
أما الذين لم يفلحوا في مغادرة سوريا فقد (ثاروا) وحطموا القيود ورفعوا راية العصيان في وجه الدولة الأسدية البعثية الفاشية ، هنا سال الدم أنهارا وسقط الآلاف قتلي ، وتم تدمير الدولة السورية تماما ، ثم هي خرجت من منظومة المواجهة مع إسرائيل ، ثم تدخلت إيران في الشأن السوري ، بل إن إيران على وشك أن تسوس الأمور تماما من دمشق ، كما تسوسها الآن في صنعاء وجنوب لبنان والصومال ، وهذا عينه ما أشار إليه زميلي / زاهر بن حارث المحروقي ، فمن الملام هنا ؟.. ميشيل عفلق ، أم حزب البعث العربي بشقيه القومي والقطري ، أم صدام حسين ، أم حافظ وبشار الأسد ، أم جميعهم مسئولون أمام الله والتاريخ والأمة عن تدمير هذا الصرح القومي العربي الضخم (العراق وسوريا) أعني ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
واتساب : 00249121338306
بريد إلكتروني : dirgham@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق