الأربعاء، 18 مارس 2015

نهم يسرقون القرآن الكريم



الإثنين 16 مارس 2015  اليوم الأول لإمتحانات الشهادة الثانوية السودانية ، وبسم
هكذا فعلوا بسورة النور
الله الرحمن الرحيم تبدأ الأمتحانات كفأل حسن بمادة التربية (الإسلامية) ، كنا هناك وفي أحد المراكز لنرصد سير هذا الإمتحان الهام والمفصلي في حياة فلذات الأكباد ، كل شئ يسير سيرا حسنا ، وما أن أنتصف الوقت إندلعت العواصف والرعود وأخذ الدخان يتسربل عبر النوافذ والابواب ، الأساتذة الذين يراقبون الأوضاع يخرجون بحصيلتهم من الغنائم والمسماة محليا بـ (البخرة)  ليسلموها للخازن تمهيدا لحرقها في المكان اللائق بها إذ هي (قرآن كريم) ، ثم هي سورة النور المقررة على طلاب الشهادة الثانوية ، تمكنا من الحصول على أحدى تلك (البخرات) كمستند إثبات كامل يؤكد المدى المؤسف الذي تدحرجنا إليه أخلاقيا وسلوكيا وإجتماعيا والأخطر دينيا .
سورة النور الكريمة كانت هي موضع السرقة فقد تم إستباحتها وعلى نطاق واسع ، رغم النواهي والأحكام والمحاذير المكتنزة فيها وبها ، تمت سرقة نصوصها بغرض تحقيق نجاح باهر في إمتحانات الشهادة  غير إنه نجاح لا بركة فيه ، بعدها وككل عام تقام الإحتفالات بدءا من المؤتمر الصحفي لمعالي وزير التربية والتعليم  ـ الموقر ـ الذي سيؤكد فيه بان تلاميذه قد أحرزوا ولله الحمد درجات عالية في في مادة (التربية الإسلامية) إيذانا بإنطلاق دولة الخلافة الإسلامية الراشدة القائمة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والمؤمنة حكما بالعدل المساواة بين الناس تطبيقا لسنة المصطفى والقائلة بأنه (لا فرق بين عربي وأجنبي إلا بالتقوى) وسيشيرون إلى صدورهم وإلى حيث قلوبهم المخضبة بالإيمان ويرددون وبصوت جهور (التقوى ها هنا ، التقوى ها هنا ) وأن هؤلاء الأتقياء الكرماء سيحملون راية الإسلام خفاقة في في كل واد وقرية وفي كل هامة جبل وفي أصقاع من الأرض شتي ، أما الأسر فستقيم الأفراح وستوزع الحلوى وتنطلق زغاريد الأمهات الصابرات المجاهدات تمجيدا لهذا الظفر النبيل .
بعدها ستفتح جامعاتنا العتيدة أبوابها لجموع المنتصرين المظفرين الحاصلين علي درجات عالية في التربية الإسلامية بدءا ثم في باقي المواد تأكيدا ، لتعطينا فيما بعد الوعاظ والأئمة والأطباء والعلماء وهم بالتأكيد زخر الوطن وذخيرته في محاربة الجهل وإقتلاعه من جذورة العاتيات الضاربات في أعماق التربة السودانية الثكلى بالأمراض والآفات ، هؤلاء هم قادة مستقبلنا ، كالح المعالم والسحنات .
لقد وقعت الواقعة يا سادتي ، ولنقيم سرادقات العزاء في كل ميادين المدن والقرى السودانية ، لقد فشلت وزارة التربية والتعليم في هذا الوطن ومنذ السنة الأولى من مرحلة الاساس بل من مرحلة الروضة في  إستخلاص معاني الحلال والحرام من القرآن الكريم ومن ألسنة النبوية المطهرة وغرسها في نفوس الناشئة ، وبالقدر الذي يستعيذ فيه التلميذ والطالب من السرقة الكلمة قبل السرقة الفعل ، ناهيك عن سرقة القرآن نفسه ، وسورة النور ذاتها وعينها المستهدفة بالسرقة وبالسطو جهار نهارا  تقول الآية الرابعة منها ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلده ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) ..
طلابنا لا يعرفون الفرق بين الفاسق والصالح حيث كانوا ليلة الأثنين الأسود هم الفسق كله ،  والحرام كله ،  والمنهي عنه جميعه ، لو هم سرقوا التاريخ والجغرافيا واللغة الأنكليزية فذلك قد يؤلمنا وهم فاعلون ولكن ليس بهذا القدر وبإعتبار إن من سرق حملا من الممكن وببساطة شديدة أن يسرق جملا ، لكنهم سرقوا القرآن ولهذا السبب فإننا ننعي للناس أنفسنا .

ضرغام أبوزيد
واتساب : 00249121338306
dirgham@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق