الأربعاء، 16 أغسطس 2017

ستستمر الجعجعة أخي زاهر ولن ترى طحنا



في مقاله الضافي بصحيفة الرؤية العُمانية يوم الإثنين 14 أغسطس الجاري كتب الزميل والصديق الكاتب والأعلامي العُماني العلم / زاهر بن حارث المحروقي ، مقالا تحدث فيه بحرقة عن عن منظمتنا الجامعة (منظمة التعاون الإسلامي) الوليد الشرعي للمؤتمر الإسلامي بعد التوسعة ، لقد توقفت طويلا ثم حدقت مليا في ماقاله الزميل بإن هناك من يحاول لي الحقائق وإظهار إن المنظمة تسعى للسيطرة على العالم وليس على إسرائيل فقط ! .. رغم إن ما كُتب في ديباجتها لا يشير لا من بعيد ولا من قريب إلى أي إشارة لهكذا فعل لئيم .
ما نود أن نضيفه لما قاله الزميل بإن على إسرائيل حقيقة أن تطمئن على الآخر ، وإن على أصدقاء الدولة العبرية في كل مكان أن يوقنوا بان المنظمة ليس من ضمن أجندتها الآنية ولا المستقبلية أي نية للقضاء على إسرائيل ، وإنها وإذا كانت ومنذ عام 1948 لم تفعل شيئا ذا بال في إطار نصرة القدس والمقدسيين ، فإنها لن تفعل ذلك الآن ، ليس هناك من جديد ، وليس هناك مايرعب العدو المفترض جدلا ، نقول ما نقول لأن إسرائيل وبحسابات أعضاء بارزين في المنظمة ، هي الآن قاب قوسين أو أدني للدخول معززة مكرمة لمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة لا كمراقب بل كعضو كامل العضوية ، وإن المسألة لن تعدو أن تكون مسألة وقت ، كل الإرهاصات تشير إلى ذلك ، كل الدلائل تؤكد ذلك ، فبعد أن حمى الوطيس في اليمن ، لم يعد خافيا على أحد بأن المصالح قد تلاقت هناك عند خط الأفق ، وإن كلمات الغزل العفيف مابين أطراف عربية نافذة وإسرائيل باتت تقال جهرا لا همسا لا في الليالي الداجية وحدها ، بل في نهارات شموسها ساطعة ، وأحيانا تقال همسا عندما يغدو القمر بدرا فيحلو السمر وتسطع رمال صحاري العرب بذلك الضؤ الساحر والخالد عبر الدهور .
وكلما ضاقت الحلقات ، وإستعصت صنعاء على السقوط يمكننا عندها القول بأن أبواب جامعة العرب قد أزدانت القا ، وإن البروق في سماوات عواصم العرب تنذر بذلك الحدث العظيم ، ذاك بات وشيكا .
ليست وحدها منظمة التعاون الإسلامي تجعجع بغير إن نرى طحنا أخي زاهر ، منظمة الدول العربية نفسها تدور في ذات الفلك ، فمنذ عشرات السنين ومنذ مؤتمر اللاءات الثلاثة في الخرطوم بعد النكسة ، يوم تعاهد العرب على نفض الغبار من على أكتاف عبد الناصر المندحر في الجبهات ، وما تلا ذلك من مؤتمرات دورية وطارئة تعقد ، ومن لجان تنعقد ثم تنفض ، ومن بيانات تتلى ثم تُنفى ، ومن رؤساء يذهبون ويموتون ، ويأت غيرهم ليحملوا ذات الرايات المتسخة بأدران الموبقات القومية سيئة الصيت ..
تم تدمير العراق ، وتم تقزيم سوريا ، ومن قبل خرجت مصر كما نعرف من خط المواجهة ، فلم يعد هناك مصطلح لدول المواجهة أصلا ، ذهب المصطلح مع ذهاب عبد الناصر القومي ، ومع صدام المهموم بأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة .
فهل ياترى حال جامعة العرب بأفضل من منظمة المسلمين ، كلاهما قد شربا حتى الثمالة من كأن الخزلان ، وكلاهما لم يعودا يمثلان هما إسلاميا أو عروبيا قوميا .
مايجب الإنتباه إليه أخي زاهر بان الفرق مابين المنظمات الأجنبية ومنظمات العرب والمسلمين هو حقيقة أن الأجنبية محايدة ونزيهة وتتحدث بإسم الدول الأعضاء ، فعندما نقول قرر الإتحاد الأوروبي مثلا تقديم مساعدات لغزة وللفلسطينيين مثلا ، لن نسمع عضو أوروبي يقول بإن بلاده لا توافق على ذلك ، هذا النشاز هو شأن عربي وإسلامي صرف .
العاصمة البلجيكية بروكسل تحتضن مقر الإتحاد الأوروبي ومقر الناتو ، غير إن الحكومة البلجيكية لا شأن لها بما يدور في هذه المقرات ، هذا مفروغ منه بالطبع ، غير أن العجيب والغريب والمثير والخطير هو أن مقار العرب والمسلمين تكون خاضعة كليا لحكومة الدولة التي تستضيف المقر ، فهي لا تستطيع أي المقار أن تحرك ساكنا إلا بموافقة عاصمة المقر ، ليس هذا محض هراء لكنه واقع قائم ولنا في ذلك دليل ..
لننظر للأزمة الخليجية الراهنة مثلا ، ثم نسأل ماذا فعلت جامعة العرب من جهود لرأب هذا الصدع المؤسف ، لا شئ كما نعرف ، ولماذا لاشئ ، لأن دولة المقر هي أحد أطراف النزاع هكذا ببساطة ، لنلتفت لمنظمتنا الإسلامية ، لنسأل ماذا فعلت المنظمة إزاء نفس النزاع ، لا شئ كما نعلم ، ولماذا لا شئ لأن دولة المقر هي اللاعب الأكبر في النزاع ، إذن وليكن هذا إقتراح من مواطن عربي مجنون وهو أنا أن يتم نقل مقراتنا الإسلامية والعربية من عواصم العرب للعاصمة البلجيكية بروكسل هذا إذا أردنا أن نرى طحنا حقيقيا أخي زاهر ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب
الخرطوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق