الأحد، 27 أغسطس 2017

هل يجوز شرعا للفئران أن تطبع ؟!..



الوزير السوداني مبارك الفاضل المهدي وزير الإستثمار السوداني وبتصريحاته الأخيرة بشأن التطبيع مع إسرائيل إثار لغطا وجدلا في الشارع السياسي السوداني مابين مؤيد ومعارض ومتحفظ ، ومن بين ثنايا هؤلاء جميعا وكالنبت الشيطاني سمعا رأيا لاعلاقة له لا بالتطبيع ولا بالتركيع ، ولا بإسرائيل ولا بفلسطين ، ولكن فقط نكاية في مبارك الفاضل وللأسباب الحزبية والمعروفة لنا جميعا ، هذا الرأي النشاذ دعا الشعب السوداني
للتنديد بتصريح الوزير ، وبغير أن يقدم الأسباب والمسببات الموضوعية التي جعلته يفعل ذلك .
 العجيب والمدهش إن مستوى الإجابة والإستجابة التي تلقاها كانت صفرا ، لسبب واحد وهو إن مايقوله صاحب هذا الرأي المضاد لم يعد مقبولا من كل أفراد الشعب السوداني ، وسنذهب بعيدا للتأكيد بإن ماقاله حشد المزيد من الدعم والتأييد لدعوة مبارك وفتحت شهية الجميع للمضي قدما في دعم ماقاله ، وهذا ما يسمى برد الفعل العكسي وهو يستخدم عادة من قبل أفراد الشعب السوداني إزاء كل تصريح ينطق به هذا الرجل تحديدا ، سيما وإنه قد تم تداول صورة قديمة له بوسائط التواصل وهو يصافح الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز ، ومهما كانت صحة هذه الصورة من عدمها فإنها قد ألقت بظلال قاتمة على النداء الذي أطلقه إذ أكدت لكم إنه قد قيل لا حبا في عمرو بل نكاية في زيد .
الآن الناس يتحدثون الآن في الوسائط بجراءة غير معهودة من قبل عن التطبيع والسبب يعود لهذا الرجل الذي تصدى بغير وجه منطق لمبارك ، ثم إن الكل يسأل ويتساءل عن لماذا نحن دون العرب والعالمين نعادي إسرائيل ، وهناك (عرب عرب) بالخليج وغيره يقيمون علاقات سرية كانت أو علانية مع إسرائيل ويتبادلون معها إنخاب الود الجزيل كلما أشرقت شمس يوم جديد ؟.. وإذا كان بعض العرب لا يزالون يصرون على إننا (عبيد) إذن فما بالنا وفلسطين وقضيتها ، هل رأيتم عبيدا على مر التاريخ يزعمون بإنهم أصحاب مبادئ وأصحاب قضية ؟!..
نعم ياسادتي نحن كذلك ، ولقد آن الأوان لنغسل أيادينا الملطخة بدماء الوفاء العروبي وإلى الأبد وأن ننسى اللاءات الثلاثة التي ورطتنا حتى اللجام ، على الفيسبوك وصلني مقطع فيديو لفلسطيني من القطاع يسخر من الوزير السوداني مبارك الفاضل ، مختتما مداخلته العنصرية ببيت الشعر الشهير للمتنبئ العظيم الذي إلتف بعنق كافور الإخشيدي المسكين  كحية ، ثم مالبث إن أودى به ، حدث هذا عندما كان الإخشيدي حاكما لمصر والقائل :
ـ لا تشتري العبد إلا والعصا معه
الآن والعنصرية العروبية الشجرة قد سمقت وتعملقت وغطى ظلها الـ لا ظليل السماوات والأرض والجبال ، الآن فقط إنتبهت إلى إن المتنبئ هذا الفحل الحكيم كان عنصريا أيضا .
ألم أقل لكم بإنه وحتى الذين بذلنا من أجل قضيتهم الدم والأرواح والدموع يصرون على إننا كذلك ، نحن نقر بهذه الوصمة (الفخر) ، وقد يعتقدون خطأ بإنها تزعجنا ، لا ورب الكعبة إنها لا تحرك فينا شعرة من رموش عيوننا التي أضناها سهاد النضال الكذوب من أجل القضية ، فقد كتب التاريخ في صحائفة بإن العرب وعندما تعنصروا  نالوا عن إستحقاق وجدارة غضب الله والملائكة والناس أجمعين ، ثم من بعد ذلك هل ياترى ستقوم لهم من تحت الرماد والركام قائمة ؟..
نحن العبيد الفئران السودانيين نعلنها داوية بأن لا نصر أبدا ستناله رماح الفلسطينيين بعد أن قالوها جهرة ، وذلك لسبب واحد وبسيط هو إن الذي خلق البشر كلهم هو إله واحد وهو (عادل) تماما ونحن في السودان نثق به وبعدله وبقدرته وسطوته وعزته وجبروته ، وهو ذاته القائل في محكم كتابه :
وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ .. آل عمران آية 126 ..
فإذا كان الله العادل قد أنزل جنودا من السماء لنصرة المؤمنين يوم كانوا كذلك ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم  بين ظهرانيهم ويومها إندثرت العنصرية وباتت حكاية من حكايات الجاهلية الأولى والثانية عندها فقط جاء نصر الله والفتح .
أما اليوم فقد عادت كالحة وقاتمة عادت الأولى رديفة للثانية ، وبالتالي وبالمنطق وبالإيمان لن يكون هناك نصر عربي على إسرائيل وحتى يعود العرب جميعهم لجادة الصواب وليوقنوا إيمانا وإحتسابا بأن لافرق بين البشر ، القضية إذن خاسرة وهذه واقع قد لا يصدقونه ولكن عليهم إستيعاب هذه الحقيقة المطلقة والمرة ، فإذا كان الأمر كذلك فما بالنا نضع كل بيضنا الذهبي السوداني العزيز والرقيق في هذه السلة السراب ؟..
ثم بعد ذلك هل تصدقون بان حماس المنظمة لا حماس الدولة قد أصدرت بيانا أدانت فيه تصريحات مبارك الفاضل وهو وزير سوداني على رأس عمله ، وحضت جماهير الشعب السوداني على رفض التصريح ، ماشاء الله إذ علينا الآن أن ندير الخد الأيسر لكل من هب ودب ، ثم علينا أن نمضي بعيدا ونعين مندوبا لها عضوا في المجلس الوطني السوداني ليجلس بجانب أعضاءه من الفئران السودانية ، بعد أن نمنحه حق النقض (الفيتو) !!..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب
الخرطوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق