الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

أميركا والسودان بين مطرقة العقوبات وتأنيب الضمير



 للمرة الأولى في تاريخ العقوبات الأميركية الجائرة والمفروضة على السودان يجتمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره السوداني غندور في إطار زيارته للأمم المتحدة ، الإجتماع جاء بعد العاصفة الهوجاء والتي أمست حديث العالم بعد أن قام الحس الأمني الأميركي المتطرف والمعادي لنفسه قبل الأخرين
بالإيعاز للشرطة بأن النابغة السوداني الأصل اليافغ / أحمد محمد ، الإرهابي الأصل والجذور والأميركي الجنسية في طريقة لإختراع قنبلة متقدمة مستفيدا من نبوغه المبكر في علوم الحاسوب .
ولأن أميركا عظمى ولا تهادن أو تجامل في كل الإختراعات الجهنمية الإرهابية الوليدة ، ولأن حاستها الأمنية السادسة هي أصلا سابقة وقادرة على إختراق مجاهل الحُجب فقد سارعت لإعتقال هذا الإرهابي السوداني الصغير بعد أن صفدته بالأغلال ، ثم إستجوبته بعنف ضار من أجل إنتزاع علاقته الإهاربية مع موطنه الأم السودان أعني ، وبالقطع كانت واشنطن تمنى النفس في تقديم الدليل القاطع والحاسم على ضلوع الخرطوم في دعمها المزعوم للإرهاب والمتمثل في النابغة أحمد ، إذ هي عجزت حتى الأن رغم سني الحصار الطويلة عن تقديم بينة واحدة تقنع به الرأي العام العالمي والأميركي على وجه الخصوص بحقيقة دعم الخرطوم لهذا الأرهاب ، عليه ظل بقاء السودان في قائمة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب بغير مبرر وبغير دليل وبالقطع بدون منطق .
ففي الوقت الذي تمضي فيه واشنطن في تجديد العقوبات عاما بعد آخر في إطار ذات الإتهام ترى رأي العين بأن السودان المنعوت برعايته للأرهاب هو في الواقع أكثر دول المنطقة أمنا وأمانا ، السودان الأن محاط بخيوط عنكبوت الدواعش إذ هم يعيثون في الأرض أرهابا وفسادا ، راهنت واشنطن على الدولة الجديدة في جنوب السودان بل دعمت إنفصاله بالمال والسلاح والعتاد فما لبثت أن إكتشفت بأنها قد راهنت على حصان خاسر وإذ هي تلعق جراحات أكبر أخطاءها على الإطلاق بعد أن أفنى أبناء الجنوب أنفسهم بأنفسهم في حربهم الأهلية الضروس القائمة على قدم وساق وبسلاح أميركي إسرائيلي صرف .
ما بعد كل ذلك نخلص إلى أن واشنطن في حيرة أخلاقية لا تحسد عليها ، فهذا الفتى السوداني الجذور كان وواقعيا هدية علمية لا تقدر بثمن قدمها السودان الإرهابي للحضارة الأميركية شاهقة العلو ، وفي مقابل صفعات ولكمات ما برحت واشنطن تكيلها للسودان الشعب عبر حصار جائر بلغ مداه وأذاه عنان السماء إذ الطائرات السودانية تسقط في سفرياتها الداخلية بسبب نقص قطع الغيار ، وإذ الإقتصاد والزراعة والصناعة كلها تعاني بسبب الحصار ، وتهمة دعم الإرهاب لا تزال قائمة وباقية ، إذن نحن هنا نقدم إرهابنا النافع للشعب الأميركي على هيئة علماء صغار هم في طريقهم لقيادة ناسا والبنتاجون حتما وحكما بحول الله ، ومع هذا  يصرون على إننا إرهابيون وفاشيون وقتله .
ولأن تأنيب الضمير نحسبه يحاصر البيت الأبيض الأميركي من كل الجهات ومن تحت الأرض وكمطر السؤ من السماء ، لذلك ولكل ذلك تنازلت أميركا من كبريائها الغاشم وإستقبلت وزير الخارجية الإرهابي السوداني العتيد ، كيري لم يقطع يده بعد أن صافح وزيرنا وهذا يقين راسخ من إنه ليس كذلك
وبما إن الحادثة كانت سانحة سطرها القدر في وقت ملائم لتتيح للخرطوم وللمرة الأولى فرصة توجيه الصفعات لأميركا ومن داخلها ووجها قبالة وجه ، عمد الوزير السوداني لزيارة عائلة اليافع النابغة في منزله وتقديم هدايا رمزية له بإسم الرئاسة السودانية وبإسم الشعب السوداني ، الهدايا حتما ليست بمستوى ما قدمته مايكروسوفت وجوجل وغيرها من الشركات الأميركية المرموقة ، هديتنا للشبل أحمد كانت تحمل رسالة ضمنية بالغة الفصحافة والوضوح وموجهة لصقور الكونغرس والبيت الأبيض ومفادها ذات معنى الرسالة التي وجها قبلا مصطفى سعيد داهية الطيب صالح في موسم الهجرة للشمال عندما وقف يوم محاكمته في الأولد بيلي مخاطبا المحلفين : نعم ياسادتي فقد جئتكم غازيا ، فأنا قطرة من السم الذي حقنتم به شرايين التاريخ ..
فهاهو السودان يعود لأميركا غازيا عبر النابغة أحمد ، ويتم تكريمه سودانيا داخل أميركا الشامخة في ضراعة ، وفي لحظات التكريم وتقديم الهدايا نحسب بأن أميركا العظمى من أقصاها إلى إدناها كانت في حيرة من أمرها إذ هي لا تدري ماذا تفعل على وجه الدقة ، هل توجه إتهاما لوزير الخارجية السوداني الزائر بغرس روح الكراهية في سويداء روح النابغة أحمد ، أم تعتبر واقعة التكريم وعلى مضض إضافة لتكريم أميركا نفسها له ، وإن هي فضلت الخيار الأخير ، فلا يستقيم أن يلتقي الصالح والطالح في هدف واحد وغاية واحدة اللهم إلا إّذا كان هذا الطالح ليس كذلك في الواقع ، وإن لم يكن كذلك لماذا توصمه أميركا بما ليس فيه ؟..
وما بعد كل ذلك نقدر تماما بأن عذابات تأنيب الضمير ستواصل الوخز والطعن في أفئدة كل أفراد الشعب الأميركي ، ولن يتوقف نزيف الضمير حتى تعيد أميركا حساباتها الخاطئة والظالمة والجائرة كما أعادتها بحق نابغتنا أحمد عندما دعاه أوباما للبيت الأبيض وعندما تسابقت شركات أميركا مرغمة لتقديم هداياها له ، أميركا رغم كل شئ فيها ما يستحق الإحترام ، وهي إنها تبادر بالإعتزار عندما تتيقن تماما من إنها قد أخطأت ، وهذا قد لا نفعله نحن العرب ، نحن مولعون بالتبرير فقط ، على ذلك وفيما بعد ذلك فإنها ستعتذر دون ريب للشعب السوداني عما قريب عبر رفع عقوباتها المسعورة المفروضة عليه ظلما ، تماما كما إعتذرت للأميركي السوداني الأصل أحمد محمد ..


ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
هاتف وواتساب : 00249121338306

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق