الأربعاء، 25 فبراير 2015

الرئيس السيسي بين .. الحبة والقبة .. وزلات اللسان




زميلي  وصديقي الإعلامي العُماني / زاهر بن حارث المحروقي  ، كتب مقالا رائعا عن أقصوصة تسريبات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكيف إن قناة الجزيرة
الرئيس المصري / عبد الفتاح السيسي
القطرية قد ضخمت الموضوع بهدف توتير العلاقات المصرية الخليجية ، وكيف إن الموضوع مر كسحابة صيف وأضحى الآن في طي النسيان بإعتبار إن العلاقات بين الدول تقوم على المصالح المشتركة وليس على الأمزجة .
ما قاله المحروقي نراه واقعيا إلى حد بعيد ، غير إنني هنا أود أن أتناول هذا الأمر من زاوية أخرى غير التي ذهب إليها الزميل العزيز ، تلك هي قضية ومعضلة وكارثة (اللسان) ، هذه القطعة اللحمية الموجودة في فم البشر ، إذ إنني أعتبره أصلا كارثة الكوارث إن لم نستطع السيطرة عليه وتحجيمه وتلجيمه كما ينبغي ، فقديما قال الشاعر الجاهلي ( إن النار بالعودين تزكى وأن الحرب أولها كلام) أي أولها (لسان) ، أما إذا كان هذا اللسان خاص برئيس دولة هي إفتراضا أكبر دولة عربية ، وأهم دولة عربية ، وهي الشقيقة والحبيبة مصر فإن الكوارث ستتساقط كمطر السؤ أو كذلك الوصف الفريد في القرآن الكريم والذي صور به رب العزة الطوفان العظيم أو طوفان غرق قوم نوح عليه السلام (وفتحنا أبواب السماء بما منهمر وفجرنا الأرض عيونا فألتقى الماء على أمر قد قدر) وما بين ماء السماء وماء الأرض حدث الهلاك الأكيد .
 ثم إن مقتل الرجل بين فكيه تلك حقيقة مثلى ، ثم نسأل من الذي قتل أشعر العرب عبر الدهور المتنبئ العظيم غير لسانه ، ثم (ماذا يكب الناس في نار جهنم غير حصائد ألسنتهم) ، السيسي الرئيس ربما إنه لم يفطن إلى هذه المعضلة الكارثية المسماة باللسان ، وكيف إنه من الممكن أن يضرم لظى حرب كحرب البسوس ، أو كحرب داحس والغبراء ،  وكيف إنه من الممكن أن يقتل ويسفك الدماء ويحرق الحرث والنسل ، وكيف إنه من الممكن أن يدمر كعاصفة أو كزلزال ، مشكلة الرؤساء العرب بعضهم لا جلهم بالطبع تكمن في ألسنتهم ، وكيف إنهم لم يتعلموا أبدا من الصمت المؤطر بالحكمة بعيدة المنال للسلطان /  قابوس بن سعيد ـ سلطان عُمان ، ثم كيف إن ألسنة هذا البعض  تتصرف لوحدها وبدون إستشارة العقل أولا ، لا نستطيع أن نتجاهل وقع الكلمات أبدا ما دامت القاعدة الفقهية الإسلامية تقول (جرح اللسان كجرح اليد) ، أي عقاب زلات اللسان يساوى عقاب جرائم اليد سواء بسواء .
نبي الله ورسول الله موسى عليه السلام إختار من أهله هارون ليكون رفيقة في نزاله الدموى مع فرعون مصر آنذاك ، والإختيار كان بسبب بلاغة هارون وفصاحة لسانه ، وقدرته على التأثير لا التأثر ، وبفضل لسان هارون أضحى نبيا بمباركة الله عز وجل لرجاء موسى عليه السلام .
المحروقي ذهب للإعتقاد بأن ما قاله السيسي في عبارته في وصف دول الخليج (الفلوس عندهم زي  الرز) وأن هذه الجملة صحيحه إذ الفلوس عند دول الخليج هي بالفعل كذلك ، وكيف إن نهمه أي السيسي لتحصيل الأموال من العواصم الخليجية لا غبار عليه ما بقي الهدف هو مصلحة مصر ، هذا صحيح أيضا ، ولكن العبرة هنا بـ (اللغة) وبـ (الكلمات) التي أضحت (لكمات) فيما بعد ، فإذا كان ما قاله السيسي إن صح صحيح ولا غبار عليه فاننا نقول هنا هو إنه إختار الكلمات الخطأ في وصف هذا الصحيح ، وإن لسانه لم يكن موفقا بتاتا ، ربما يمكننا القول بأن الرئيس السيسي هو أكثر الرؤساء المصريين ضعفا في الفصاحة والبلاغة وفي العربية ايضا ، لا يمكننا مقارنته في هذا الجانب بالمفوه والبليغ والفصيح والذي تهفو نفوس العرب من المحيط للخيلج للإستماع إلى خطبه الرنانة والتي بقيت منذ وفاته في 28/9/1970 وحتى الآن حية كالنار تتقد الرئيس المغفور له بإذن الله والأب الروحي لمفهموم القومية العربية جمال عبد الناصر .
وإذا كان اللسان هو اللسان عبر الدهور والأزمان فإن ما قاله زاهر عن أقصوصة المساعدات الإنسانية التي قدمتها إحدى الدول الخليجية للسودان ، وكيف إن تلك المساعدات وعندما توترت العلاقات مع الخرطوم عام 1997 فقدت حقها من الثواب الإلهي عندما أبطلت نفسها بنفسها عبر إلسنة ما نحيها وعندما تم إذاعة تقرير تلفزيوني عنها  مبطن بالمن والأذى لمدة 45 دقيقة كاملة ثم وبناء على طلب المشاهدين تم إعادة بثه ولمزيد من المن والأذي ، فمن الذي قتل هذه الصدقة الجارية غير (اللسان) .
شتان فعلا وحفا ما بين السيسي وعبد الناصر ، في هذا الجانب ، بل شتان ما بين السادات والسيسي ، ولأنه ضعيف في اللغة فليس من المستبعد أن يستخدم هذه الكلمات (السوقية) في وصف أخوة له في الخليج ، والذين إشتاطوا غضبا في عواصم الخليج كانت لهم مبررات كافية فعلا ، فليس كل ما يقوله اللسان يعنى أن ينزل بردا وسلاما كنار إبراهيم عليه السلام على  المستهدفين .
نحن هنا في السودان لنا تجارب أيضا بشأن ألسنة الرؤساء ، فالرئيس البشير فصيح وبليغ وأفصح من السيسي بحكم الخبرة ، غير إنه وأحيانا وفي خطبه الجماهيرية والغير مكتوبه ومن باب الحماسة وحدها وإذ الجماهير تطالب بالمزيد تحت صدى التهليل والتكبير ينطق بكلمات ما كان ينبغي أن تقال ولسبب واحد هو إنه رئيس دوله ، وأي حرف ينطق به يحسب عليه أولا ، وعلى بلاده ثانيا ، وعلى شعبه ثالثا ، ربما إنه وبعد أن تسكت عنه نشوة الحماسة يجد إنه قد قال بالفعل ما لا ينبغي أن يقال ، وقد يقول ما لم يقصده فعلا لا معنى ولا مغزى ، والكثير من المسئولين السودانيين لهم أيضا عثراتهم اللسانية ودكتور / نافع علي نافع ، القيادي بالمؤتمر الوطني الحاكم ومساعد رئيس الجمهورية السابق لديه زلة لسان شهيرة لا زال الناس يرددونها هنا في الخرطوم وباقي ولايات السودان ، وتلك هي الخاصة بـ (لحس الكوع) وهكذا تبقى سقطات الرؤساء والمسئولين اللسانية أفدح وأنكي من زلات غيرهم من الناس ، والسبب هو إنهم رؤساء وهذا ما يتعين على الرئيس السيسي أن يستوعبه وبدقة ..

ضرغام أبوزيد
dirgham@yahoo.com   
واتساب : 00249121338306

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق