الجمعة، 3 أبريل 2020

أحيانا.. هكذا يموت الرجال


إذا كنت قد إحتفلت على طريقتي الخاصة يوم الجمعة 20 مارس من عام الكورونا بعثوري بإحدى ولايات سلطنة عُمان على ملهمتي وعيني التي لاتنام على المجتمع العُماني من الداخل في إطار القصص والحكايا الإجتماعية التي كنت أنشرها بزاويتي اليومية بالوطن العُمانية (شراع) ، والتي كانت تجد تصفيقا يصم الأذان من قراء (الوطن) داخل السلطنة وخارجها ،وحتى يتفهم القراء لماذا كان إحتفالي بالعثور عليها صاخبا ومدويا ها أنذا أنشر إحدى القصص التي روتها لي ونشرتها بزاويتي بوم الإثنين 27 مارس 2000 ، لتعلموا كيف كانت تلك الفاضلة فاضلة معي ، وعلى هذا النسق هناك الكثير من هذا المثير ..
========
في السبعين من عمره، له أبناء وأحفاد، كان في سعة من العيش، فرزق الله كثير ووفير، في هذا العمر يبدو للناظر اقل من عمره بكثير، دفعه واحدة يستقيم واقفا ليس ثمة ألم في الظهر، ليس ثمة اعوجاج في العمود الفقري، ليس ثمة تيبس في الركبتين، على إن نعمة الصحة التي وهبها الله له، دفعته للتفكير في نمط حياته كلها، لابد من أن يكون هناك شئ جديد، شئ فيه جمال وروعة، شئ يعيد إليه شبابه الذي مضى في شعاب الحياة، قرر أن يبدأ من جديد، كيف؟.. ذلك ما توصل إليه بعد عناء تفكير، الزواج مجددا ومن فتاة في عمر بناته، قال في نفسه: لتكن زوجة أجنبية، هي لن تكلفه الكثير، ثم هي ستغدو طوع بناته سيغرقها حتى الأذنين بالذهب، ومن بعد ذلك فلن يُنعت بالكهل احتكاما على أعمار أبنائه وهم رجال لهم في المجتمع مكانة وحظوة.
سافر وأحضرها فتاة رائعة الجمال، ليس مهما ان لا تتحدث العربية الان، فستتعلم بمرور الايام، أمسى كما أراد شابا في مقتبل العمر، عاشت معه بعد أن اسكنها في قصر له جميل، رأت الذهب يزداد في معصميها، ورأت القلائد يزداد وزنها حول جيدها الجميل، وكانت تطلب المزيد وكان يلبى بغير سؤال، اتخذت لها صويحبات من بنات بلدها، حدثنها طويلا بان في هذه البلاد الرجال يتزوجون في بساطة وأيضا يطلقون في بساطة،  وان عليك اخذ الحيطة والحذر، سألتهن كيف؟.. قلن لا نعرف وعليك التوصل إلى الطريقة والطريق، سألت نفسها بأنه ولو طلقها فربما ستعود إلى بلادها خالية الوفاض، وذلك ما لن تسمح بحدوثه أبدا.
في ليلة كان بالقرب منها يغط في سباته العميق كما هو دأبه منذ أن تزوجها!..رأت على جدار الغرفة (برص) يجري، حدقت فيه طويلا كأنها تبثه كل أحلامها ولوعتها من مستقبل تخافه، أسرعت إليه تطارده، استعانت بعصاة لها طويلة، جندلته بعد طراد لم يطل مداه، حملته ميتا إلى المطبخ وأعملت فيه السكين، وكقطع لحم صغيرة أسرعت به لسطح المنزل وضعت الأجزاء الصغيرة على قطعة ورق، أرادت للشمس عندما تشرق غدا أن تلهبه بسعيرها، وكان البرص هناك لأيام، إلى أن جف تماما.
حملت القطع اليابسة ودستها في الخلاط وعلى الفور تحول (البورص) إلى مسحوق ناعم ، أحضرت قنينة صغيرة ووضعت فيها المسحوق العجيب ثم أقفلتها بإحكام، كل يوم وإذ هي تعد طعام الوجبات الثلاثة تنثر القليل من المسحوق على الطعام، والزوج يأكل بالهناء والشفاء، مات بعد ستة أشهر، بكت عليه بكاء الناقة على الفصيل، لطمت وولولت وشقت الجيوب، حملوه وصلوا عليه ودفنوه، أضحت أرملة ثم ورثت ذهبا ومالا وثروة وجاها أيضا، كانت تغني في دواخلها فقد أضحى مستقبلها الآن مضمونا.
ذهبت يوما إلى مركز تجاري للتسوق وفي معصميها الذهب، وجدت إحدى صويحباتها ممن قدمن إليها النصيحة الأغلى عندما كانت لا تعلم شيئا، قالت لها صديقتها حاولت تنفيذ نصيحتك وضعت له نفس المسحوق كما قلت وكما فعلت أنت مع زوجك الراحل، لكنه لم يمت حتى الآن، فماذا افعل؟.. قالت لها في ثقة الخبير العارف وعبر ابتسامة رضى عريضة وهي تداعب أقراط لها طويلة فيها ياقوت يشع: سيموت، فاصبري، فهذا الشيء لا يقتل على الفور، صبر صبر.
إحدى المواطنات سمعت الحوار، لم تفهم شيئا، على إنها استوعبت بان هناك قاتل ومقتول، أبلغت الشرطة على الفور، تم اعتقالهن، الأرملة اعترفت بأنها سممته على طريقتها الخاصة، والأخرى اعترفت بأنه قد أكل ولكن منذ شهرين فقط وإنها تستعجل الخلاص حتى ترث المال والذهب..

 ضرغام أبوزيد


00249121338206
dirgham@yahoo.om

  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق