الجمعة، 3 أبريل 2020

استراتيجية ومفهوم العمل عن بعد



تحت هذا العنوان كتبنا بزاويتنا اليومية (شراع) بالوطن العُمانية هذا المقال في عدد يوم السبت 30 يونيو 2001 ، عن مفهوم العمل عن بعد أضحى اليوم ومع نازلة كورونا التي إجتاحت العالم أضحى حديث الساعة بل هو الملاذ الذي يتعين اللجؤ إليها هربا من كوفيد 19 ، وبذلك ياسادتي فقد سبقنا الأحداث بعقدين من الزمان ، تلك كانت زاويتي بالوطن العُمانية تتقدم الأحداث الجسام وبفضل من الله كبير بطبيعة الحال
===============================
في الولايات المتحدة الأميركية وباعتبارها الأب الروحي للتقنيات الانترنتية الكمبيوترية المتجددة، وباعتبارها الأعلى كعبا في حقول البرمجيات الحاسوبية عالميا، وباعتبارها دولة قارة، ثم وباعتبارها تملك في جعبتها الرقم الأضخم لمستخدمي الإنترنت في العالم حتى الآن، فإنها وفي الواقع  قامت بتوظيف إمكاناتها التكنولوجية الهائلة تلك في ابتداع وسائل ووسائط جديدة لأداء الأعمال بالنسبة للأفراد، فالعديد من الشركات الأميركية لا تشترط حضور العامل  شخصيا لمقر الشركة لأداء العمل المناط به أداؤه، هذا رغما عن انه يعد رسميا موظفا بالشركة، وبالتالي تم اختصار العديد من المتطلبات والاحتياجات والتكاليف الخاصة بانتقال الموظف من مسكنه والى مقر عمله، وقد تكون المسافة التي تفصل ما بين سكن الموظف أو العامل وما بين مقر عمله آلاف الكيلومترات، ومع هذا فهو يؤدي عمله على الوجه الأكمل، إنها نظرية العمل عن بعد التي باتت تساهم بإيجابية في إنهاء مشكلات الإختناقات المرورية وفي توفير تكاليف النقل المتزايدة، وهو أمر ينعكس إيجابا على البيئة أيضا إذ القليل من دخان عوادم السيارات خير من كثيرها حتما.
غير إننا لا نستطيع القول بأننا وفي العالم الثالث يمكننا وعلى الفور تطبيق نظرية العمل عن بعد كما هي مطبقة في أميركا، الأسباب كثيرة ومتعددة، ذلك إن نظرية العمل عن بعد تعتمد أساسا وقبل أي شئ آخر على كفاءة خدمة الإنترنت في أي دولة ترغب في تطبيقها، والكفاءة هنا تدفع أمامها دفعا خريطة بنية الاتصالات التحتية في ذلك القطر، فعدد مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركية يقترب من الـ 82  مليون مستخدم، والخدمة هناك ما شاء الله لا يمكن مقارنتها مع أي دولة أخرى متقدمة، ونحن هنا نحجم عن إقامة أي مقارنة في هذا الجانب ما بين أميركا وأي دولة نامية، فالمحصلة مخجلة، وبالتالي لا يمكننا القول بان العالم  الثالث سيغدو في مقدوره تطبيق نظرية العمل عن بعد في هذا العقد على الأقل، لنا أن نلقي نظرة عجلي على عدد مستخدمي الإنترنت عبر عينه عشوائية مختارة من أفريقيا مثلا، النيجر 300 مستخدم، رواندا 200 مستخدم، توجو 450 مستخدم، الخ الخ، أما قارة آسيا فبالمقارنة مع عدد السكان الضخم فان أعداد مستخدمي الإنترنت لا تزال بعيدة كل البعد عن العدد الإجمالي لسكان هذه القارة الأضخم، هنا يمكننا أن ننشئ نظرية موازية لنظرية العمل عن بعد ومؤداها بأنه وكلما اقترب عدد مستخدمي الإنترنت في دولة بعينها من العدد الإجمالي للسكان عندها يمكننا القول بان تلك الدولة في طريقها لتطبيق نظرية العمل عن بعد والعكس أيضا  صحيح.
كما إن ثمة عائق آخر نخالة لا يقل أهمية من معضلة البنى التحتية الخاصة بالاتصالات وعدد مستخدمي الإنترنت وتتمحور حول مفاهيم أداء العمل نفسه في منظومة الدول النامية، فالشركات مثلا المنتمية للعالم الثالث لا تستطيع على الإطلاق التصديق أو الإيمان بان الموظف الذي لا يداوم الساعات المعلومة هو في الواقع يقوم بأداء عمله، أي إن حضور الموظف شخصيا إلى مقر العمل تفوق أهميته أداء العمل نفسه، المهم أن يحضر وان يوقع على كشف الحضور والانصراف، أما أن يقدم إنتاجا فذلك ليس هاما في حد ذاته، هذه عقدة لا نستطيع نفيها أو إنكارها، وبالتالي يصعب على رب العمل في العالم الثالث تقبل هذا النمط من العمل ومن زاويته النفسية البحتة.
ثم نشير إلى أن الذين يعملون عن بعد في أميركا يقدمون إنتاجا رائعا واكثر جوده إذ هم في الأصل متحررون من الزي الرسمي للوظيفة، ومن الملاحقة البوليسية المعتادة ما بين الرئيس والمرؤوس، وبما إن استلام الأجر مرتهن فقط على الأداء كما وكيفا فانهم وعبر التواصل الحار والملتهب مع مقار شركاتهم وعلى مدار الساعة عبر الإنترنت فانهم يبدعون واقعيا وعمليا، ويستلمون على الفور مستحقاتهم المالية المحولة إليهم إلكترونيا مع باقة عطرة من الثناء والشكر من قبل مدير الشركة أو المؤسسة..

ضرغام أبوزيد
00249121338306




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق