الخميس، 18 فبراير 2016

الفكرة في حد ذاتها مخيفة



تناقلت وسائل التواصل الإجتماعي أمس الأول الخبر الصاعقة في فحواه ومعناه إن كان بالفعل كامل النصاب من حيث الدقة والمصداقية ذاك هو الخاص بالإعلان رسميا عن تشكيل قوات التحالف الإسلامي وتعيين الأمير / محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود قائدا لها ، وضم التشكيل قادة عسكريين بمستوى رفيع من كل من تركيا ،  السودان ، باكستان ، ماليزيا ، الإمارات ، مصر ، الجزائر ، والعتاد العسكري المعلن عنه يضم 1500 طائرة أف 16 ، 500 أباتشي ، 350.000 دبابة ومدرعة ، 350.000 جندي ، وقيل فيما قيل إنه سيكون هناك تجربة للقنبلة النووية ، انتهى الخير الصاعقة .
الفكرة في حد ذاتها مخيفة بالطبع لا لنا بطبيعة الحال بل للأعادي أين وجدوا وأين كانوا ، ذلك إنها تطرح وللمرة الأولى وعبر قرون فكرة وجدلية (الوحدة) والمشار إليها في القرآن الكريم ، فما من شك إن المسلمين إذ ما أتحدوا وتوحدوا فسينظر إليهم وبكل المقاييس  بإعتبارهم قوة لا قبل للأمم الأخرى بها ، فهم الأكثر عددا ، والأخطر من كل ذلك إن لديهم كتاب مقدس لا نظير له هو القرآن الكريم كلام الله عز وجل وهو مترع بالمواقف والمشاهد والأوامر التي تحض علي الوحدة والإتحاد والتوحد ، مع وعد إلهي صريح بان الغلبة في الأرض ستكون لهم دون غيرهم ، هذا بعد أن تغدو التقوى هي ديدنهم وطريقهم إلى جنان الله الرحيبة .
إسرائيل ومنذ قيامها عام 1948 كان سعيها الذي لا يزال قائما ومحتدما هو أن تمنع قيام أي وحدة عربية أو إسلامية ومن أي نوع كان ، إذ هي تعلم خطورة الأمر على وجودها ، فكانت ومافتئت تعمل في هذا الإتجاه عبر تكريس الفرقة والكراهية بين أبناء الوطن الواحد وما بين شعوب الأمة ، وما نشهده الأن من صراع طائفي صريح بين بعض الدول الإسلامية إلا دليل حي على نجاحها في هذه الإستراتيجية وبقدر بات به وفي منعطف من التاريخ مخجل  ينظر فيه لإسرائيل بإعتبارها الأقرب للمسلمين السنة من إيران الشيعية على سبيل المثال وهذه معادلة طالما عبرنا عن كامل القلق تجهاهها إذ هي أمست أقرب للتصديق وللواقع .
الفكرة الجديدة ، والقوة الجديدة المعلن عنها لن تنظر إليها تل أببب بعين الرضى هذا أكيد ، كما إن واشنطن لن ترحب بها ، أما موسكو فلن ترى فيها ما يسر إذ في جمهورياتها حوالي 28 مليون مسلم ستهفو قلوبهم طبيعا وغريزيا للإتحاد الإسلامي الجديد وهو تطلع لن يكون مرحبا به في موسكو .
الأخطر من كل هذا هو الشق الخاص بـ (القنبلة النووية) ، إذ قيل إن هناك تفجير لها كتأكيد على حقيقة إن التحالف الجديد ولد فتيا ونوويا ، والنووية الإسلامية هي حتما باكستانية الجنسية هذا أمر لا مراء فيه ، غير إن باكستان تعلم تماما أبعاد الضجة العارمة التي قامت ضدها بعيد نجاح عبد القدير خان الأب الروحي لقنبلتها النووية من إنتاج وتفجير 6 قنابل عام 1998 إيذانا بدخول باكستان للنادي النووي ، وهي تعلم كيف أن خان قد عاني الأمرين عندما أتهم بنقل التكلنولوجيا النووية لكل من ليبيا وإيران وكوريا الشمالية ، وباكستان لن تنسى إنها قد واجهت وصمدت أمام عقوبات إقتصادية أميركية غربية قاسية لقاء هذا الأمر ، غير أن العاصفة هدأت بعد ذلك بعد أن أيقن الغرب بان قنبلة باكستان النوورية كانت أبدا ودوما مخصصة لموازنة النووي الهندي وهو العدو التقليدي لباكستان .
 تل أبيب قبلت على مضضت هذه الجدلية ، ولم تحاول تدمير مفاعل كاهوتا الباكستاني كما فعلت مع مفاعل تموز العراقي ، والسبب واضح وجلي فقد كانت الأنشطة النووية الباكستانية بالغة السرية حتي رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بنازير بوتو صرحت بانها لم يكن يسمح لها بدخول منشأت كاهوتا ، وعندما أجرت باكستان تجاربها الستة على حين غره  كانت المفاجئة مذهلة في كل عواصم الغرب وحتى في دلهي القريبة ، عندها وجدت تل أبيب نفسها تقف مرغمة على شفا حفرة الأمر الواقع ، فقد أكد عبد القدير خان بأنه قادر على تدمير تل أبيب نوويا في لحظات ، عندها صمتت الأخيرة .
الآن خرجت قنبلة أو قنابل باكستان النووية من كاهوتا إلى العاصمة السعودية الرياض أو إلى شبه جزيرة العرب في إطار تغيير ساحق وجذري في ميزان القوى في الشرق الأوسط ، هنا فاننا نتوقع ردود أفعال عنيقة غير إنها عاقلة ومتوازنة من كل الذين لا يسرهم الأمر في واشنطن ولندن وتل أبيب وموسكو وحتى باريس ، فأي مشروع لضربة إستباقية غير محمودة العواقب ، إشارة إلى أن موضع الضربة نفسه لا يمكن تحديده بدقة عبر دول إسلامية أعضاء في الإتحاد الجديد وبالتالي يمكن توقع رد فعل نووي باكستاني مباشر تماما كما توعد عبد القدير خان ذات يوم .
وبما إن الفكرة كما قلنا في حد ذاتها مخيفة إلا أن الإعلان لم يتحدث عن النقطة الجوهرية الأهم وهي التمويل ، فجميعنا يعلم بان قوة عسكرية بهذه الضخامة يعوزها المال ، فالموازنة العامة للمملكة العربية السعودية لعام 2016 تعاني من عجز هائل ، وموازنات كل دول التحالف الإسلامي حدث ولا حرج ، وأن لم يتوفر المال فلا تحالف ولا وحدة ولا إتحاد ، تلك هي الحقيقة المثلى ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب سوداني عُماني
dirgham@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق