الثلاثاء، 20 يناير 2015

كل الذي تحت التراب تراب



الصادق المهدي ، رئيس حزب الأمه القومي أو إمام طائفة الإنصار والرئيس التقليدي الطائفي المعتق والـ لا ديمقراطي ، أعلن ومن القاهرة بأنه قد إتخذ قرارا تاريخيا بتجميد نشاط حزبه على مستوى سطح الأرض وفوق الأرض ،  وإنه قرر الحفر ثم النزول إلى تحت الأرض لمزاولة نشاط الحزب من هناك ، ومخاطبة الشعب
الصادق المهدي
السوداني الصابر من هناك ، ثم الإنطلاق كما يتمنى ويرتجي من تحت الثرى إلى سدة الحكم أو قل إلى القصر الجمهوري حيث الرجل لا يزال يمنى نفسه بالجلوس تارة أخرى على ذلك الكرسي الذي يلمع أمامه في متاهات الشوق .
الحزب وعلى صدى الإنتخابات السودانية المزمع إجراؤها وحسب مواعيدها المعروفة والمضروبة منذ الإنتخابات الماضية في إبريل 2015 كان قد أعلن إنسحابه الثاني علي التوالي من الإنتخابات العامة ، هنا يهمنا أن نميط اللثام على الأسباب الإستراتجية والحقيقية التي دفعت بحزب الأمة القومي الى تبنى نهج الإنسحاب الـ لا ديمقراطي من الإنتخابات الديمقراطية السودانية .
في الواقع فإن الحزب وفي الإنتخابات الماضية  لم يعلن إنسحابه منها منذ البدء ، خاض غمارها إلا قليلا ، غير إن الذي حدث كان مؤلما لزعامة الحزب ذلك إنه ومع بدء الإقتراع وصور الزعيم الطائفي الكبير تزدان بها  الشوارع  والميادين والأزقة كنتاج لحملته الإنتخابية التي كان يروم من ورائها الوصول للكرسي العالي أو الباب العالي أيهما كان أقرب ، إتضح له وهذا ما أكده له مراقبيه وعيونه أن حزبه العتيد لن يحقق شيئا على الإطلاق ، وإن الشعب السوداني عبر المليون ميل مربع (قبل إنفصال الجنوب)  كان قد إنفض من حوله منذ عقود مضت غير إنه لم يتمكن من إستيعاب هذا الواقع لشئ ما  نفس يعقوب ، وبعد أيام من بدء الإقتراع أعلن الأمام الصادق عن إنسحاب الحزب من الإنتخابات العامة الديمقراطية وبدون إبداء الأسباب التي يعرفها ونعرفها ، والفرق بيننا هو إننا نقول وهو لا .
ذلك يعني ويؤكد حقيقة واحدة وساطعة وباهرة كالشمس مثلا تلك حقيقة أنه خشي (الصدمة القاتلة والساحقة معا) ، فآثر الهروب إذ هو يرى بأنه (الذكي) الأوحد على أمتداد أرض السودان الوطن ، ثم إنه  كان فد ملأ الدنيا ضجيجا وفحيحا بإنه سيكتسح الإنتخابات وان الشعب السوداني سيحمله فوق الأكتاف والأعناق وعبر صناديق الإقتراع للكرسي العالي ، ذلك كان حلما أو لنقل كان كابوسا إقتلعته رياح الحقيقة ومن جذورة ورمت به إلى عرض السراب والفيافي والصحارى والبحار .
ولأنه كان (يعلم) بان لا شعبيه له تذكر هنا في السودان غير إنه لا يزال مصرا على خداع نفسه والرأي العام العربي والإقليمي والدولي ولا نقول تأكيدا الرأي العام السوداني إذ الكل هنا يعلم ، وبالتالي كنا نتوقع ومسبقا وقبلا بأنه سيبادر هذه المرة أيضا وقبل إنطلاق الإقتراع إلى إعلان الإنسحاب ، ثم هو يعلم بأن كل الأعذار التي ساقها لإنسحابه غير واقعية ولا منطقية ولا جوهرية ولا محل لها من الإعراب حكما وتأكيدا ، فهو يدرك منذ الإنتخابات الماضية بان هذا هو تاريخ الإنتخابات وليس ثمة جديد على الإطلاق ، فما بال الإنسحاب هنا غير تلك الحقيقة المرة وحدها .
المهدي لم يستطع دراسة الواقع الجديد في السودان ، لم يستطع فهم ما يدور في عقول الشباب السوداني ، أولئك الذين ولدوا في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي , والذين قرأوا عنه شخصيا في كتب التاريخ ، ولم يستطيعوا إستيعاب كيف إنه لا يزال رئيسا لحزبه منذ عقود وقبل أن يولدوا بإعتباره (ديمراطيا) كما يدعي ، وبما إن البقاء الممل الطويل المستمر عبر السنين يتعارض مع أبجديات الديمقراطية منكودة الحظ في السودان ، فكان أن فروا منه ميممين وجوههم شطر اليم أو شطر الجحيم .
ثم هو وكما أشرنا وبعاليه وهو في قمة اليأس وقمة القنوط ، أعلن لجماهير حزبة أن وجدت وللشعب السوداني الصابر عليه حتى اللحظة والمبتلى به عبر العقود أعلن قراره الذي بادر التاريخ لتسجيله وبتاريخه بإعتباره قد إنقلب على عقبيه بإرادته الحره وبحالته المعتبرة شرعا وقانونا بأنه وحزبه سيدلفان لباطن الأرض للعمل من تحت التراب ، غير إنه نسى الحقيقة المره والقائله بأن (كل الذي تحت التراب تراب)..
ضرغام أبوزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق