السبت، 10 يناير 2015

إن كنتم تحبونه لا ترشحونه ..



يوم إلتقينا فخامته بالقصر الجمهوري في حوار صحفي مطول لصالح صحيفة الوطن العامانية عام 1996

وبما إنه لا يخاف عقباها فقد كشف نائب رئيس المؤتمر الوطني السوداني بروفيسور / إبراهيم غندور عن لجنة قومية جمعت أكثر من 23 ألف مؤيد لترشيح فخامة الرئيس / عمر أحمد البشير لولاية جديدة .
هكذا ببساطة وأحسب بأن الذين تم خداعهم لترشيح البشير لم يتسن لهم دراسة التاريخ القريب لا البعيد لحالات مشابهة ، تم عبرها تشويه الديمقراطيات العربية وبإعتبارها عبثا ليس إلا ، فالديمقراطية في معناها الأوسع تعني فيما تعني التداول السلمي للسلطة وبغض النظر عن كفاءة الرئيس الحالي أو مقدراته ، فعندما يكافئ الشعب رئيسة فإنه يعيد إنتخابه لفترة رئاسسية واحدة على أكثر تقدير كما يحدث في الولايات المتحدة الإميركية مثلا ، وكما يحدث في أوروبا المتحضرة أيضا ، أما الديمقراطيات العربية سيئة السمعة فان الرئيس الذي يثبت كفاءته ومقدرته أو يثبت فشله ودمويته ، يعاد إنتخابه حتى الموت وحتى القبر كأن حواء ذلك القطر لم تلد أبدا كفاءات قادره علي قيادة الوطن ، وتلك مصيبة فكرية كبرى بطبيعة الحال .
الرئيس البشر كان قد صرح قبل عام أو أكثر بإنه لن يرشح نفسه مرة أخرى ، وقتها إنتابنا إحساس بإلارتياح عميق وبإعتبار إن الرجل يعلم يقينا خطورة الموافقة علي ما صرح به غندور الأن ، ذلك إننا وإن أردنا أن نذكر بها فإننا نقول بإن المنادين بترشيحه لا يرغبون في أن نعد العدة لفتح أبواب نادي الرؤساء الأفارقة العظماء للبشير ليجلس هناك بالقرب من الخالد أبد الدهر نيلسون ما نديلا ، الذي أرسى قواعد الديمقراطية التي باتت راسخة في جنوب إفريقيا الدولة الإفريقية العظمى لوحدها ، ما نديلا رفض في إباء أن يرشح نفسه لولاية أخرى ، رغم نداءات آلـ غندور في جنوب إفريقيا ، ثم سار سامبو أمبيكي رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى والمعنية بالشأن السوداني الآن ، رفض هو الآخر نداءت الترشح الأبدي للرئاسة ، ما حدث في جنوب إفريقيا الدولة هو ما يتعين الأحتذاء به سودانيا ، والتجربة الديمقراطية هناك تستحق الدراسة والتمحيص رغما عن إن تلك الدولة حديثة عهد بالإستقلال مقارنة بالسودان الذي ناله عام 1956 ومن وقتها لم يتقدم خطوة واحدة للإمام إذ هو مافتئ يقيم الإصنام للأفراد .
ولا نحسب بإن غندور وألـ  23.000 مؤيد لترشيح الرئيس لم يلتفتوا للواقع العربي المشين إزاء مآلات الرؤساء التعساء الذين أعيد إننتخابهم لمرات ولمرات لنلتفت للجارة العزيزة والقريبة مصر ، فما هو مصير حسنى مبارك ، الذي كان يصر على البقاء فيها وحتى الموت أو حتى (النزع) ، فنال الأخيرة بأمر الله ، حكما غير مردود ، بعدها حرم نفسه وبنفسه من أن يلتقي بمانديلا في نادي الخالدين العظماء ، لو إن حسنى مبارك أكتفى بفترة رئاسية ثانية فقط  لقدر له أن يضع اللبنة الأولى لديمقراطية مصرية يضرب بها الأمثال عربيا وإفريقيا ، غير إنه عشق ذلك الكرسي  الوهاج والمخادع  فأصر على البقاء فيه فظلم مصر قبل أن يظلم نفسه ، ثم نسأل غندور هل ترغب في أن ترى مصير مبارك كرة أخرى في السودان وفي البشير .. وهل ما تفعله هو دليل حب له ؟..
وإذا كنا قد ذكرنا مصر الشقيقة وفرعونها الذي مضى ، فإننا نهمس في إذن غندور بتجربة القذافي المريرة ، والتجربة التونسية كالحة السواد عبر الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي ، والتجربة الكوبية عبر المعتق فيدل كاسترو ، كلهم وجميعهم لم يتسن لهم دخول نادي العظماء والخالدين والسبب ذلك الكرسي (اللعين)..
وإذا ما أردنا أن نلقى نظرة سطحية على الواقع السوداني وتجربة الرئيس البشير الرئاسية الممتدة منذ عام حولى ألـ 26 عاما ، فإننا نرى بأن البشير فعل ما بوسعة  وقدر طاقته لأجل هذا الوطن وهذا الشعب ، ثم إننا نرى بإن ما تقوله واشنطن عنه برعايته للإرهاب هو محض إفتراء لم تستطع هي ولا الجنائية الدولية إثباته ، غير إن واشنطن (لاتحب) البشير تلك حقيقة ، لذلك فرضت عقوباتها الأحادية على السودان وشعبه ، ولو إن البشير مضى عزيزا مكرما بعد إنتهاء فترة ولايته ثم دخل نادى العظماء الأفارقة كما نرجو ونتمنى ، عندها فقط يحق للشعب السوداني أن يفتخر ويفاخر بتجربته الديمقراطية ، ويحق للمؤتمر الوطني الحاكم أن يجاهر ويتحدى الأحزاب السودانية الطائفية التي تحتفظ برؤساء لها منذ الإستقلال وحتى الآن ثم هي تتحدث عن الديمقراطية ، وعن ضرورة التداول السلمي للسلطة !! ،  لو تقاعد البشير فإنه سيسدد اللكمة الفنية القاضية لمنافسية داخل السودان ، ثم إن تقاعده وبسبب إنتهاء فترة ولايته يعنى فيما يعنى رفع العقوبات الأميركية عن السودان ، عندها ستنهال الإستثمارات الأميركية والأوربية ، ذلك يعنى تعافي الإقتصاد والجنية السوداني معا من آلامه وعثراته وعلاته ، اللهم إني قد بلغت يا غندور ، اللهم فأشهد ..
ضرغام أبوزيد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق