الجمعة، 27 مارس 2020

إنه في اليوم العشرين من مارس من عام الكورونا

عندما يذكر الناس عام الفيل فذلك هو العام الذي هاجم فيه أبرهه الأشرم مكة يروم سؤا ببيت الله الحرام ، وجميعنا يعلم بأنه وفي ذلك العام الموافق 571 ميلادية جاءت الطير الأبابيل ، وجميعنا يعلم بأنه وفي ذلك العام أيضا ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، إذن فإن الناس كانوا وعلى مدى الأزمان يؤرخون للحوادث العظيمة بالأحداث الجلل تلك ستبقى آية .
بيد أن الحقيقة المثلى كذلك هو أنه وفي العشرين من مارس من عام الكورونا عثرت على كنز لي مفقود في سلطنة عُمان الحبيبة والشقيقة ، تلك كانت الركيزة والمتكأ الذي قامت عليه عمد وأركان زاويتي اليومية (شراع) بالوطن العُمانية وفي شقها الاجتماعي ، الجميع يعلم بأن شراعي لم يكن زاوية سياسية فحسب ، بل كانت مفتوحة على كل مايهم الإنسان أين كان وأين وجد وذلك ما كان يميزها عن غيرها ، لهذا فقد أبحرت شرقا وغربا شمالا وجنوبا ، وخاطبت الناس في كل فج عميق من فجاج الأرض ، كل أو أغلب القصص الاجتماعية التي تناولت المجتمع العُماني من الداخل أو من الأعماق كانت وتمت بواسطة زميلة عزيزة ورفيقة درب عالية القامة والمقام والمستوى ثقافة وعلما وأدبا ، كانت هي عيني التي لاتنام ، وكانت هي البوصلة التي وبناء على مؤشراتها تتوجه أشرعتي الاجتماعية .
لقد حقق الجانب الإنساني في (شراع) في ذلك الزمان دويا هائلا على طول عُمان وعرضها ، كان ثمة بكاء ونحيب يتسربل إليّ عبر الهاتف من ولايات السلطنة المختلفة مع كل قصة تروى وتحكى ، وكانت هناك شهقات وزفرات تصل إلينا من أناس يأتون إلينا ليروا بأعينهم كاتب (شراع) ، كانت نسبة عالية من العُمانيين يعتقدون بأنني عُماني الجنسية ، وإنني متمرد فقط على الدشداشة والمصر والكمه العُمانية فقط لا أكثر ولا أقل ، فلهجتي العُمانية كانت تؤكد بأنني بالفعل كذلك ، المسألة لم تكن على ذاك النحو قطعا ، فعُمانيتي المفترضة جدلا خلقتها تلك الزميلة ورفيقة الدرب القديم التي فقدتها منذ أن غادرت عُمان .
قبل سنوات مضت حملت لي الريح العقيم خبرا أو إنني ربما سمعته خطأ بأنها قد إنتقلت للرفيق الأعلى ، ومنذ ذلك الوقت أنا وكل أفراد أسرتي هنا في الخرطوم نتضرع لله عز وجل صباح كل يوم جديد أن يشملها بواسع رحمته وأن يلحقها بالرفيق الأعلى من الجنة .
إلى أن كان ماكان في يوم الجمعة الماضية الـ 20 من مارس من عام الكورونا عندما كنت أتحاور مع الزميل العزيز ورفيق الدرب القديم الإعلامي والكاتب العُماني العلم / زاهر بن حارث المحروقي ، وكان المحروقي هو أول عُماني أميط له اللثام عن ذلك السر الدفين الخاص بالجانب الاجتماعي من أشرعتي بالوطن ، لقد تمخض ذلك الحوار وبقدرة الله على العثور على كنزي الضائع في سلطنة عُمان لأسجد على الفور أنا وأولادي شكرا وحمدا لله عز وجل ، ولتقام الإحتفالات هنا بنبأ العثور عليها حية ترزق في ولاية من ولايات السلطنة ، ذاك كان أكبر وأهم الأحداث في حياتي منذ أن غادرت السلطنة ، إذ بعدها سأمضي قدما في سرد الحكايات القديمة لتقرأها هي أولا بإعتبارها الملهمة وصاحب الفضل والأفضال على قلمي وعلى لغتي وعلى كل شيء جميل كتبته بالوطن العُمانية ، وسيبقى كل ذلك وإلى ماشاء الله جزءا من التاريخ الصحفي للسلطنة العزيزة .
وفيما بعد ذلك وإذا كان الشئ بالشئ يذكر فإن عام الكورونا هذا الثقيل الوبيل قد ألقى على بركة الماء الآسن حجرا ولا أعظم ، لقد بدد دياجير الظلمة التي كان يختبئ خلفها أصحاب الياقات الطويلة في حقل وميادين الفساد والإفساد في كل مكان من كوكبنا هذا المُبتلى ، أولئك الظلمة الذين يمشون على الأرض مرحا ، ولم يدر بخلدهم أن الله يسمع ويرى ، هم لايستطيعون إنكار فسادهم ولا إفسادهم ، فالكذب على الله لايجوز فقها وحصافة ، إذن فكل الخزي والعار الذي يندي له الجبين خجلا سيعرض على السيد كورونا ليرى فيه مايرى .
لم يأت هذا الطاعون المحدث عبثا ، فالإنسان هذا الداهية الأحمق يرى نفسه بأنه هو الذي يسوس الكون وهو الذي يحدد مصائر عباد الله في أرضه ، ذلك غير صحيح ، فالدائرة باتت أضيق مما يتخيلون ويعتقدون ، لهم أن يعلموا بأن كل شيء سيقال في يوم آت لامحالة وبحذافيره ، هكذا يا سادتي يكتب التاريخ ، بعدها سنرى إلى أي منقلب كوروني سينقلبون ..

ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب سوداني عُماني
249121338306+

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق