الاثنين، 13 يوليو 2015

هل الإنسان السوداني هو نفسه الإنسان الأول ؟..



جريمة رمضانية مروعة ، حدثت وقائعها مساء الجمعة الماضية الموافق 10 يوليو 2015 ، هنا في القيعة ـ قرية صالحة ـ أمدرمان ، راح ضحيتها الشاب الخلوق ، وصاحب الصيت الحسن والوقع الطيب في نفوس كل سكان الريف الجنوبي ، العزيز
المغفور له بإذن الله / عبد الرحيم قسم السيد
المغفور له بإذن الله / عبد الرحيم قسم السيد أحمد بابكر ـ الشهير بـ (زرقا) .
الجريمة المروعة التي هزت المنطقة من أقصاها إلى أدناها أحدثت دويا هائلا بالفعل إذ الحزن لا يزال يخيم على المنطقة ، واللوعة لا تزال تحاصر كل الألسنة ، فيما سحنات الحزن الدفين والغائر في شعاب القلوب لا يزال يمسك بتلابيب الأمر هنا ، وبما إن المغفور له كان دمث الخلق ، طيب المعشر ، صنديد وأخو أخوان كما يقال بالدارجة السودانية كنابة عن إنه رجل المواقف الصعبة ، وصاحب أياد بيضاء كانت أبدا ممدودة ، ولأنه كان كذلك فقد كانت جنازته بمقابر الشيخ يوسف دليلا ناطقا ، فقد جاء كل سكان قرى الريف الجنوبي ،  كان الخلق كثير ، وكانت الصلاة عليه من جمع من الناس غفير تؤكد على إنه كان حقا أخو أخوان ، له الرحمة والمغفرة .
الجريمة تفتح الباب واسعا أمام معضلة إجتماعية سودانية صرفة ، تلك الخاصة بحمل الأسلحة البضاء وأصطحابها أين ما ذهب الرجل السوداني ، تماما كما كان يفعل الإنسان الأول في العصور الخوالي وعند بدء الخليقه ، وقتها كان الأمر يتطلب أن يتمنطق الرجل بقوسة وسهامه وسيفة وخنجرة وسكاكينه أين ما ذهب وأين ما حل ، هو إن لم يفعل لإفترسته الضواري عند أول منعطف من الغابة ، وإذ الغابة هي أصلا بيته الكبير ، وعندما سار الإنسان حثيا في دروب التحضر والرقي وقامت على رفات البدائية الأولى قامت المدن ونشأت الحضارات ، وسمقت المفاهيم ، وجاء الأنبياء والرسل ، وهبطت الكتب السماوية ، وحضر جبريل عليه السلام ، وعرف القتل الخطأ والقتل العمد ، وحرمت الأديان سفك الدماء إلا  بالحق ، ثم سنت القوانين ، وقامت الدول ، وجاء الحكام ، وعُين القضاة ، وأنشئت السجون ، وأمسى الناس يحتكمون للعدالة ، وإذ هم سواسية أمام القانون تماما كما يحب ربنا ويرضى .
وإذا كان الأمر بات بالفعل كذلك فما بال حمل العصي (العكاكيز) والمدى والسكاكين والفؤس في شوارع وقرى المدن السودانية ؟!.. ما أن تصافح رجلا يرتدي جلابية سودانية وما إن تلامس يدك ذراعه حتى تحس بتورم جاف وغير عادي وهائل فتعود يدك إلى حيث كانت مرتجفة وجلة ، فالرجل يضع سكينا لا قبل لكل كائن حي بها سواء أكان بشرا أو أنعاما .
إنه لا يغادر منزله إلا وهذا السلاح الأبيض الشنيع في ذراعه ، لذلك وعندما يحدث نقاش أو حوار أو جدل ولا أقول شجار ، فأن السكين المدفع يتم إستحضارها فورا لتغدو هي الفيصل والحكم في حسم الأمر لصالح أحدهما .
لذلك فإن جرائم القتل العمد كلها وجلها تتم لا بالسلاح الناري بل بالسلاح الأبيض المسكوت عنه سودانيا ، وحتى نقطع دابر هذا السيل العارم من جرائم القتل لماذا لا يعمد المجلس الوطني الموقر وبالتعاون مع وزارة الداخلية لإضافة مادة حاسمة للقانون الجنائي السوداني يتم بموجبها تجريم كل من يحمل سلاحا ، سواء كان أبيضا أم أحمرا ، لا بد من هذا الإجراء وبسرعة قصوى حتى نوقف سيل الضحايا في جمهورية السودان المتحضرة ..


ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
dirgham@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق