الخميس، 2 يوليو 2015

كارثة يوم الأربعاء الأسود



  الأربعاء الأول من يوليو 2015 تاريخ هام في تاريخ السودان الإلكتروني ، ففي هذا اليوم تم ايقاف العمل بأورنيك 15 المالي الورقي الشهير والقديم والعتيد ، ليتم إستبدالة بعد حملة إعلامية مكثقة بأورنيك 15 الإلكتروني ، أي أن التحصيل المالي في كل أرجاء السودان سيغدو وإعتبارا من هذا التاريخ إلكترونيا محضا وبحتا في بادرة تعد الأكثر جراءة في إتجاة ترسيخ أقدام حكومة السودان الإلكترونية على كامل تراب وفضاءات السودان الوطن .
ا
كارثة بوم الأربعاء الأسود لكمة قاسية للإقتصاد السوداني
لإعلان التحذيري والذي سبق تطبيق النظام التحصيلي المالي الإلكتروني الجديد شدد على أن ثمة عقوبات رادعة تنتظر كل المخالفين والذين لا يزالون يصرون علي إستخدام النظام الورقي البائد سئ الصيت والسمعة ناحية إنه كان مدخلا لهدر وإختلاس المال العام إذ هو عرضة بل هو حقل خصب للتزوير والتزييف ومن ثم سرقة أموال الشعب .
قلنا بأن الخطوة الإلكترونية تصب فعلا في الإتجاه الصحيح ، ولكن ثمة جذوة قلق لم تفارقنا لحظة وإذ نحن نستمع للإعلان التحذيري بلغته الحاسمة والقاسية معا ، ذلك إننا وبخبرتنا الإلكترونية الكمبيوترية الطويلة في الخليج نعلم تماما بأن أي نظام حاسوبي جديد ومهما كانت قدرة تماسكة وقوته يحتاج إلى فترة تجربة ميدانية عملية ربما تمتد لأكثر من شهر وقبل الإعلان رسميا عن تثبيته بصورته النهائية والإعتداد به في المهمة الموكل له إنجازها ، تلك هي المسماة بـ  نسخ الـ  BETA فعندما تصدر مايكروسوفت مثلا نسخ جديدة من ويندوز أو أوفيس فإن النسخة الجديد تعمم بالمجان على المستخدمين ليتم تحليل العثرات والإخفاقات ومن ثم يتم إصدار النسخ النهائية بعد حوالي العام وهذا ما كنا نتابعه في مسقط من خلال عملنا كصحفي متخصص في الـ IT مع مايكروسوفتت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعبر إتحاد منتجي برامج الحاسوب والمعروف إختصارا بـ BSA  بدبي .
إذن فأن المفترض علميا وعمليا أن يستمر العمل بالأورنيك المالي الورقي القديم جنبا لجنب مع النظام الكمبيوتري الجديد ، ثم تذهب معطيات المدخلات الخاصة بالنظام الكمبيوتري لقسم المراجعة والرصد والتحليل والتمحيص والتدقيق وأعادة الصياغة وأعادة التبويب بناء للسقطات والهنات والتي يتم رصدها ، وفي ذات الوقت يمضي التحصيل القديم كالمعتاد وتدريجيا يتم سحب الأورنيك الورقي ليحل محله الإلكتروني بسلاسة وبدون ضجة وبدون إعلانات تحذيرية مخيفة كالتي سمعناها قبل يوم التنفيذ .
اليوم الخميس الثاني من يوليو وهو اليوم الثاني لتنفيذ القرار العشوائي المميت ذهبت لأحدى الدوائر الحكومية ، سمعت المسئول وهو يرفع عقيرته بالصياح لا يوجد تحصيل لدينا ، النظام الجديد لم يصل إلى مكاتبنا بعد ، ولم يطل أي كمبيوتر خاص بالنظام على مكاتبنا ، تعالوا الأسبوع القادم لعله يأتي ، وعاد الناس بأموالهم التي كانوا يرومون تسليمها لخزينة الدولة السودانية .
ذلك يعني أن الخزينة السودانية العامة لم ولن تتلق أي أموال حتى إكتمال النظام الإلكتروني الجديد ، أو أن عليها وسريعا جدا أن توقف العمل بهذا النظام الجديد المتعثر وأن تعيد الأورنيك الذي قضى نحبه أن تعيده للحياة وفورا ، غير إنني أرى بأن الأمر لا ينبغي أن يمر مرور الكرام ، ثمة أخطاء فادحة العواقب قد وقعت وحدثت ، وثمة خسائر مالية باهظة تكبدها الإقتصاد السوداني المترنح أصلا ، كل ذلك ووببساطة شديدة يوجب العقاب ويوجب الحساب معا ، فالقضية هنا ليست شخصية ولا تخضع للإهواء ، إنها قضية وطن وأقتصاد وطن ومصالح مواطنين تم تعطيلها فضلا عن أن زمن غال فعلا قد ضاع سدى على الكل ، على المواطن ، وعلى الدولة وعلى الإقتصاد ، إذ لكل ثانية ثمن ولكل دقيقة قيمة ولكل ساعة قيمة مضافة .


ضرغام أبوزيد
صحفي وكاتب مستقل
dirgham@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق